تحتفل دول العالم بـ«اليوم الدولي للعمل الخيري» في الخامس من سبتمبر كل عام بهدف توعية الأفراد والمؤسسات بضرورة التضامن الإنساني، وتسليط الضوء على ضرورة مساعدة الآخرين، من خلال التطوع أو تقديم الدعم المادي أو المشاركة في الأنشطة الخيرية المختلفة.
وقد شاركت دولة الإمارات العالم احتفاله بهذه المناسبة، أمس الخميس، ويضم سجلها تاريخاً حافلاً ومتميزاً في هذا المجال، أسهمت من خلاله بشكل فاعل في تخفيف معاناة المحتاجين، ومد يد العون والمساعدة لهم في كل زمان ومكان.
وتُعدّ دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، من أكبر المساهمين والداعمين للعمل الخيري عالمياً، عبر مشاركات مختلفة ومتواصلة استطاعت من خلالها الدولة إثبات جدارتها في مجالَي الإغاثة والعطاء، ومناصرة المنكوبين والضعفاء.
وتشير الإحصائيات إلى أن قيمة مساعدات الإمارات الخارجية منذ قيام الدولة في عام 1971، وحتى منتصف عام 2024، بلغت نحو 360 مليار درهم (98 مليار دولار أميركي)، ما كان له بالغ الأثر في الحد من الفقر، والتخفيف من تداعيات الكوارث والأزمات، ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز الاستقرار والسلم الدوليين.
لقد باتت دولة الإمارات منطلقاً للعديد من المبادرات الخيرية وحملات المساعدة التي تعلنها الجهات المعنية وسط تفاعل شعبي مستمر، تبرز منها حملات التصدي للأمراض والمشكلات الصحية، وحملات بناء المساجد وحفر الآبار، والمساعدات الخيرية المرتبطة بالإغاثة العاجلة للشعوب والدول المتضررة من الكوارث، إضافة إلى حملات مساعدة المعسرين، وغيرها.
ويستمد العمل الخيري في دولة الإمارات قوةً وزخماً إضافيين من إسهامات أفراد المجتمع، من مواطنين ومقيمين، وقد أدت مأسسة العمل الخيري في الإمارات إلى استحالته ثقافةً وسلوكاً مجتمعياً راسخاً ومستداماً في الشخصية، وهو الأمر الذي يتجلى بوضوح تام، خلال حملات التبرع والمبادرات الخيرية، التي توجّه بها القيادة الإماراتية لإغاثة المنكوبين والمعوزين في العديد من دول العالم.
وتضع دولة الإمارات إطاراً تنظيمياً وتشريعياً للإسهام في الأعمال الخيرية عبر وسائل تشمل التطَوع، والتبرع، ودفع الزكاة، ولذلك فإن على من يرغب في المساهمة في الأعمال الخيرية والإنسانية داخل دولة الإمارات، اللجوء إلى إحدى القنوات المعتمدة للعمل الخيري.
وقد اعتمدت دولة الإمارات الجهات الحكومية المسؤولة عن العمل الاجتماعي والخيري، وعلى رأسها وزارة تنمية المجتمع، ووزارة الخارجية والتعاون الدولي، والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، والهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية، وهيئة أبوظبي للدعم الاجتماعي، وصندوق الزكاة، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، وهيئة المساهمات المجتمعية- معاً، والمسؤولية المجتمعية في الشارقة، ودائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة.
ومن الأمثلة البارزة للمؤسسات العاملة في مجال العمل الخيري هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، التي يعود تأسيسها إلى عام 1983، حيث تبوّأت خلال مسيرتها دوراً رائداً في تعزيز أوجه العمل الخيري المختلفة على الصعيدين المحلي والدولي، عبر العديد من البرامج والمبادرات الخيرية القائمة على مساعدة الضعفاء والمحتاجين أينما كانوا في مجالات واسعة ومتعدّدة، إغاثية وعلاجية وتعليمية، استجابةً للحالات الطارئة والكوارث، وغيرها الكثير من البرامج الخيرية المتخصّصة.
ومن المؤسسات الرائدة أيضاً، مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، التي تأسست عام 2007، وتقوم رؤيتها على تقديم مبادرات رائدة لخدمة الإنسانية في مجالَي الصحة والتعليم محليّاً وإقليميّاً وعالميّاً، ودعم الاحتياجات الصحية والعلاجية، وتوفير المياه ومساعدة المتضررين في الكوارث حول العالم. ولتنفيذ استراتيجيتها دخلت المؤسسة في شراكات مع منظمات عالمية تابعة للأمم المتحدة ومنظمات النفع العام.
ومن الأمثلة الإماراتية الرائدة أيضاً، مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، التي انطلقت عام 2015، واستفاد من مشروعاتها الخيرية وبرامجها الإنسانية عام 2023 ما يقارب 111 مليون شخص في 105 دول، بحجم إنفاق بلغ 1.8 مليار درهم، من خلال فِرَق عمل تضم عشرات الآلاف من الموظفين والمتطوعين، وتنضوي تحت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية أكثر من 30 مبادرة ومؤسسة تغطي مجالات عملها شتى القطاعات الخيرية والمجتمعية والتنموية، مع التركيز على الدول والفئات المحتاجة والمحرومة في المجتمعات الهشَّة.
لقد أضحى العمل الخيري نهجاً إماراتياً راسخاً، وغدا مفهوم البذل والعطاء على مستوى الدولة والمجتمع قيمةً أصيلةً وجزءاً من حاضر الإمارات ونظرتها في خططها الاستشرافية، لتُواصل الأيادي البيضاء تقديم العون وفعل الخير، ومساندة الشعوب حول العالم.
صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية