تُولي دولةُ الإمارات بناء الأسرة وحمايتها أهمية فائقة، باعتبارها الركيزة الأساسية لبناء أي مجتمع، والمسؤول الأول عن تنشئة أفراده وتطورهم، كما تؤدي دوراً محوريّاً في مجال غرس القيم والأخلاق والمبادئ، وترسيخ أواصر التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع، على النحو الذي يعزز الُّلحمة الوطنية، ويقوي الروابط المجتمعية.
وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن الاهتمام بالأسرة والحرص على توفير كل ما من شأنه تعزيز تماسكها وتمكينها من أداء دورها المحوري، يمثل أولوية رئيسية في برامج الحكومة وخططها، بوصفها مدْرسة التربية الأولى وأساس المجتمع القوي والمستقر.
وفي هذا الإطار، اعتمد سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، إطلاق مركز مديم لإعداد الأسرة، ضمن مبادرة «مديم»، التي أعلنتها دائرة تنمية المجتمع – أبوظبي في شهر أبريل 2024. وتأتي هذه المبادرة والخدمات التي تقدمها، لتدعم أهداف استراتيجية أبوظبي لجودة حياة الأسرة، وبناء أُسر مستقرة ومتماسكة قائمة على أسس معرفية سليمة في إمارة أبوظبي.
وقد أكَّد سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، أهمية مبادرة «مديم» في دعم رحلة بناء الأسرة الإماراتية، ودور مركز مديم في الإسهام في تحقيق أهداف استراتيجية أبوظبي لجودة حياة الأسرة، وتعزيز الترابط الأسري باتباع القيم الإماراتية الأصيلة، من خلال تثقيف وتأهيل الشباب المقبلين على الزواج، عبر الدورات التثقيفية والبرامج التوعوية والإرشادية والمبادرات المجتمعية، التي تُشجِّع الشباب على التمسُّك بالعادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة في تنظيم حفلات الزواج. وضرورة تزويد الشباب المقبلين على الزواج وحديثي الزواج، بالمعارف والمهارات الاجتماعية والصحية والنفسية والتربوية التي يحتاجون إليها في حياتهم الزوجية والأسرية، لتمكينهم من تنشئة أبنائهم تنشئة سليمة وبناء أُسر مستقرة ومتماسكة.
ويُعدُّ مركز مديم الأول من نوعه في إمارة أبوظبي في مجال إعداد الأسرة، حيث يعمل على تحقيق رحلة زواج ناجحة وحياة أسرية مطمئنة عبر حزمة من الخدمات الوقائية والتدخلات المبكرة، إضافة إلى خدمات المتابعة اللاحقة، بهدف إعداد الشباب للزواج من خلال توعيتهم ورفدهم بالمهارات اللازمة لدعم استقرار الأسرة والأبناء، وتقوية الروابط بين أفراد الأسرة، وتعزيز ثقافة التربية الإيجابية والمسؤولة في تنشئة الأبناء.
ويهدف مركز «مديم» إلى تقديم التوجيه والإرشاد للشباب والأسر، وفق القيم الأصيلة لمجتمع دولة الإمارات، التي تُعلي شأن الزواج وبناء الأسرة، بناءً على أفضل المعايير الدولية في مجال العلاقات الأسرية، ما يُجسِّد إيماننا العميق بأهمية الاستثمار في تكوين الأسرة وتربية الأبناء لمواصلة مسيرة التنمية الاجتماعية.
ويتضمَّن المركز ست خدمات رئيسة تستهدف الأفراد في مختلف الفئات العمرية، وهي: برنامج تأهيل المقبلين على الزواج، وخدمة الإرشاد الأسري، وخدمة الوساطة الأسرية، واستشارات ما بعد الطلاق، وخدمة رؤية المحضون، إضافة إلى البرامج التثقيفية والتوعوية للآباء والأسر والأبناء. ويُقدِّم خدماته المتعلقة بإعداد الأسر عبر العمل على محاور عدّة، تشمل التوجيه والإرشاد في مرحلة ما قبل الزواج، وإعداد المقبلين على الزواج، والمتزوجين حديثاً لكيفية إدارة مجريات الحياة الزوجية وتكوين الأسرة، واضعين نصب أعينهم القيم الإماراتية الأصيلة التي تتسم بالحكمة والاعتدال، بداية من ممارسات حفلات الزفاف، وصولاً إلى تكوين أُسر مستقرة ومتماسكة قادرة على تنشئة أبناء صالحين يُسهمون في بناء مجتمع مترابط، إلى جانب تقديم خدمات الاستشارات الأسرية للأُسر التي تواجه تحديات.
وتندرج هذه المبادرة ضمن عدد من المشاريع التي تعمل دائرة تنمية المجتمع- أبوظبي على تنفيذها، والتي ترمي للارتقاء بجودة الخدمات، وإرساء مجتمع متكامل ومتماسك، يوفر الفرص والخدمات لكافة أفراد المجتمع بأبوظبي، بما يعزز تلاحمه ونموه الاقتصادي والاجتماعي، ويرسي معايير متميزة للمعيشة فيه.
إن مبادرة «مديم» تمثل إضافة مهمة على خريطة العمل المجتمعي في إمارة أبوظبي، بإسهامها في الارتقاء بواقع الأسرة وإعلاء قيم المحافظة على استقرارها، فالأسرة المستقرة والمتماسكة هي حجر الأساس في بناء أجيال تتحمَّل مسؤولياتها تجاه المجتمع والوطن.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية