إن انسحاب الرئيس جو بايدن من الانتخابات الرئاسية لعام 2024 يحل مشكلة واحدة لـ«الديمقراطيين». فلن يكون لديهم بعد الآن مرشح يعتبره معظم الناخبين كبيراً جداً في السن لكي يتولى هذا المنصب. والآن، يعتقدون أنهم يستطيعون الدفاع عن قضيتهم دون هذا التشتيت. وقد عرضت نائبة الرئيس كامالا هاريس رسالتَها عبر البريد الإلكتروني بعد فوزها بدعم معظم المندوبين «الديمقراطيين»، إذ قالت: «أؤمن بمستقبل يعزز ديمقراطيتنا، ويحمي الحرية الإنجابية، ويضمن حصول كل شخص على الفرصة للنجاح وللمضي قدماً».
لقد تطرق بايدن نفسه إلى هاتين النقطتين الأوليين عندما خاطب الأمة بشأن قراره. هاتان هما القضيتان اللتان حاول «الديمقراطيون» جاهدين إجراء مقارنة مع «الجمهوريين» بشأنهما. لكن هناك مشكلة واحدة لم يحلها «الديمقراطيون»: وهي أن هذه الرسالة مخيبة للآمال. إن الشكوى الرئيسية للديمقراطيين ضد الرئيس السابق دونالد ترامب بشأن الإجهاض هي أنه مكّن من استعادة سلطة الإجراءات الديمقراطية على هذه القضية، وهم يفضلون الحكم وفقاً لقرارات القضاء. لا أحد يتوقع الاتساق المنطقي الصارم من حزب سياسي. لكن بعض التناقضات صارخة للغاية حتى في السياسة، وربما وقع «الديمقراطيون» في هذا التناقض عندما أيدوا رفع دعوى قضائية لشطب اسم ترامب من الانتخابات ودعموا محاكمته، رغم أن هذه الدعوى قد يكون مشكوكاً في جدارتها في، وتهدف لإلحاق الضرر به قبل الانتخابات. قد يدافع «الديمقراطيون» عن هذا الموقف بالقول إن «الديمقراطية» هي بديل فضفاض لما يقلقهم حقاً: الدستور والمعايير المحيطة به. صحيح أن ترامب، الذي حاول إلغاء نتيجة انتخابات لم يستطع الاعتراف بخسارتها، يشكل تهديداً لهؤلاء. لكن «الديمقراطيين» ليسوا أبطالاً مقنعين، لا عندما يحاولون تجاوز حقيقة أن الدستور يمنح القضاة الفيدراليين البقاء في مناصبهم مدى الحياة ومع ذلك يعارضون معظم القضاة في المحكمة العليا.. كما وعدت هاريس بتجاوز الكونجرس إذا لزم الأمر للحصول على السياسات التي تريدها بشأن الأسلحة والرعاية الصحية والهجرة. لقد فشلت الهجمات «الديمقراطية» على التغييرات التي يدعمها «الجمهوريون» في قوانين الانتخابات إلى حد كبير.
ومطلب «الجمهوريين» بأن يقدم الناخبون بطاقة هوية، وهي نقطة خلاف رئيسية في المناقشة حول هذه القوانين، يحظى بدعم الأغلبية العظمى من الأميركيين. أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «واشنطن بوست»، في الربيع الماضي، أن عدداً كبيراً من الناخبين في الولايات المتأرجحة يعتقدون أن ترامب سيتعامل مع التهديدات التي تواجه الديمقراطية بشكل جيد أكثر.
لكن حتى لو تمكنت هاريس من تحقيق أرقام أفضل بشأن هذه المسألة، فإن الناخبين لا يصنفون مثل هذه التهديدات على أنها قضية رئيسة. ووجد أحدث استطلاع أجرته مؤسسة «جالوب» أن 2% فقط من الناخبين ذكروا أي شيء يتعلق بالديمقراطية عندما طُلب منهم تسمية المشكلة الأكثر أهمية في البلاد.
وكانت هذه النسبة في انخفاض. قد يبدو الإجهاض قضية أكثر إيجابية للحملة بالنسبة للديمقراطيين، إذ تشير استطلاعات الرأي بانتظام إلى ميل واضح لصالح حق الاختيار بين الرأي العام، بما في ذلك الثقة الأكبر في «الديمقراطيين» مقارنةً بـ«الجمهوريين» في معالجة القضية. وخلص كلا الحزبين إلى أن القضية ألحقت الضرر بـ«الجمهوريين» في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»