أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، نشاركها أفكارنا، ومشاعرنا، ولحظاتنا، وحتى تفاصيل حياتنا الشخصية، ولكنْ مع ازدياد انتشار هذه المنصَّات، تعاظمت المخاوف بشأن خصوصية البيانات والمعلومات الشخصية. وفي هذا المقال سنُلقي الضوء على دور مجلس الأمن السيبراني في حماية خصوصية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، مع استعراض شامل للموضوع.
بدايةً، ما مفهوم الخصوصية في وسائل التواصل الاجتماعي؟ تعني الخصوصية القدرة على التحكُّم في كل ما يتعلق بالمعلومات الشخصية التي تجري مشاركتها فيها، ويشمل ذلك تحديد مَن يمكنه رؤية معلوماتك، وكيفية استخدامها، وحمايتها من الوصول غير المصرح به. وتواجه الخصوصية في وسائل التواصل الاجتماعي تحديات عدَّة، منها جمع البيانات على نطاق واسع، ذلك أن الشركات المطورة لتلك المنصات تجمع كميات كبيرة من البيانات عن مستخدميها، ولا سيما المعلومات الشخصية، والنشاطات عبر الإنترنت، وغالباً ما تَستخدمها لأغراض التسويق والدعاية، من دون الحصول على موافقات صريحة من المستخدمين. وكذلك تشمل التحديات تعرُّض بيانات المستخدمين للسرقة أو التسريب، بسبب ثغرات أمنية في أنظمة وسائل التواصل الاجتماعي. وهنا يأتي دور مجلس الأمن السيبراني الذي يضطلع بدور حاسم في حماية خصوصية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بوضع معايير وأنظمة لحماية البيانات واستخدامها من قِبل الشركات المطورة لتلك المنصات، وإصدار مبادئ توجيهية وقواعد تُلزم الشركات حماية بيانات المستخدمين بصورة فعَّالة.
وتضم هذه المبادئ ممارسات متنوعة، مثل الحصول على موافقة صريحة قبل جمع البيانات، وتحديد كيفية استخدامها، وتوفير خيارات قوية للتحكم في الخصوصية، فضلاً عن التعاون مع تلك الشركات لضمان امتثالها لمعايير حماية البيانات، ورفع مستوى الوعي بقضايا الخصوصية بين المستخدمين، ودعم البحث والتطوير في مجال تقنيات حماية الخصوصية الجديدة.
وصحيح أن المجلس يقوم بهذه الإجراءات، لكنْ في المقابل يقع على عاتق الأفراد والمؤسسات وغيرهم مسؤولية كبيرة، بل أساسية وجوهرية، إذ يؤدي الفرد والمؤسسة دوراً مهمًّا في حماية الخصوصية في وسائل التواصل الاجتماعي، عن طريق اتخاذ عدد من الخطوات، منها مراجعة إعدادات الخصوصية بانتظام، والتأكد من أنها تتوافق مع الاحتياجات الفعلية، واستخدام أدوات حماية الخصوصية للمساعدة على حماية البيانات، والتحكم في المعلومات الشخصية التي تجري مشاركتها، واستخدام كلمات مرور قوية وفريدة للحساب، والانتباه وتوخي الحذر في حال وجود روابط أو ملفات مرفقة في الرسائل والمنشورات. وفي الختام ينبغي التأكيد أن حماية خصوصية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مسؤولية مشتركة بين مجلس الأمن السيبراني، وشركات وسائل التواصل الاجتماعي، والمستخدمين، فذلك هو السبيل الوحيد لضمان حماية البيانات الشخصية في تلك المنصات، واستخدامها بشكلٍ مسؤول.
*رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات.