ليس هذا مختبراً طبياً أو صيدلياً، وإنما أحد خطوط الإنتاج في مصنع «هونان صن زون» لإنتاج رقائق الألواح الشمسية في مدينة تشانجشان الصينية، حيث أصبحت الصناعات في هذا المجال تنافس في دقتها وضخامة إيراداتها صناعة الدواء العالمية، كما باتت الصين أكبر الفاعلين والمساهمين في تطويره. كانت ألمانيا لسنوات رائدةَ صناعة الألواح الشمسية بلا منازع، وكان لشركاتها اليد الطولى في سوق الطاقة الشمسية عالمياً.. لكنها بدأت تفقد مواقعها تباعاً لصالح الشركات الصينية التي غزت أسواق العالم بما فيها السوق الألماني نفسه.
والصين مهتمة بتطوير تقنيات الطاقة الشمسية، ودفعها نحو أقصى مديات الدقة والفاعلية لأسباب تكنولوجية واقتصادية، في إطار التنافس المحتدم مع القوى الصناعية الغربية التقليدية، ولكن أيضاً لأسباب تتعلق بالبيئة والاستدامة والتغير المناخي، لاسيما أن الصين أكبر مستورد لمصادر الطاقة الأحفورية (البترول والغاز) في العالم، كما تعد أكبر منتج لثاني أوكسيد الكربون، المتهم الأول وراء التلوث البيئي. لذا تعمل الصين وفق استراتيجيات واسعة للتحول في مجال الطاقة، أي للانتقال نحو الاعتماد على الطاقات المتجددة (وأهمها الطاقة الشمسية) بدلاً من الطاقة الأحفورية.
وهو تحولٌ من شأنه الحفاظ على البيئة وحمايتها من مخاطر التلوث الذي يعد عاملاً أسياسياً وراء زيادة العديد من الأمراض بين البشر، كما أنه منفرٌ لكثير من السياح والزوار في وقت أصبحت فيه السياحة قطاعاً حيويا تعتمد عليه الاقتصادات العصرية. ومن شأن هذا التحول أيضاً أن يوفر على الخزينة الصينية جزءاً كبيراً من فاتورة الطاقة الأحفورية المستوردة والمقدَّرة بعدة تريليونات من الدولار.
إن الانشغال بتطوير تقنيات الطاقة الشمسية، وتشجيع الدفع بها نحو آفاق جديدة، يحقق الكثير من المنافع الاقتصادية والمالية والبيئية والتكنولوجية للصين، ويكرس وضعَها كقوة صناعية صاعدة كبرى في عالم اليوم. وهذا ما يجسده مصنع «هونان صن زون» كغيره من آلاف المصانع الصينية الأخرى العاملة في مجال صناعة ألواح توليد الطاقة الشمسية.
(الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)