كانت محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب يوم السبت الماضي عملاً مؤسفاً من أعمال العنف. وفي أعقاب ذلك، قال النقاد والسياسيون إنه لا مكان في الديمقراطية للعنف، إذ إن كل عمل من أعمال العنف، أو دعوة إلى العنف، أو تبرير للعنف، يشكل تهديداً لديمقراطيتنا، ويجب حل الصراعات سلمياً، وخوض معاركنا بالأفكار، وليس بالرصاص.

ولا يمكننا أن نسمح للعنف بأن يطغى على سياستنا، وهذا يتطلب أن نركز ذكاءنا ونعود إلى رهانات الانتخابات ومستقبل ديمقراطيتنا واتجاه بلادنا. وينبغي لنا أن نلتزم بتقديم الحجج بقوة قدر الإمكان لإقناع الناخبين بقوة الأفكار. ومن حسن الحظ أن الرئيس بايدن كان قد تحول يوم الجمعة في ميتشيجان بالفعل إلى السياسة، حيث يسعى إلى تحويل النقاش من الهستيريا حول عمره إلى مستقبل أميركا. وفي هذا السياق، قدم بايدن شيئاً لم يره الناخبون بعد في هذه الحملة: أجندة تقدمية جذابة. ومن خلال استعراض أول 100 يوم من ولايته الثانية، سعى بايدن إلى إبراز القضايا التي يهتم بها الأميركيون العاديون بشدة.

تضمنت قائمة العناصر التي وعد بمعالجتها ما يلي: التوقيع على قانون جون لويس لحقوق التصويت وقانون حرية التصويت، وتوسيع نطاق الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، وإنهاء الديون الطبية، ورفع الحد الأدنى الفيدرالي للأجور، وإقرار قانون حماية حق التنظيم لتسهيل التنظيم النقابي، وحظر الأسلحة الهجومية، واستعادة الائتمان الضريبي الموسع للأطفال، وجعل الإسكان ميسور التكلفة (من خلال بناء المزيد من الوحدات السكنية ووقف التلاعب في الإيجارات، بين أمور أخرى)، والسماح بانتهاء تخفيضات ترامب الضريبية لأولئك الذين يكسبون أكثر من 400 ألف دولار، ومطالبة المليارديرات بدفع ما لا يقل عن 25% من ضريبة الدخل، وتأمين الحدود الجنوبية مع تقنين «الحالمين» (المهاجرون القصر الذين قدموا إلى الولايات المتحدة).

وبعد استعراض قائمة بنود السياسة الداخلية، أعلن بايدن: «ستظل أول 100 يوم لي في فترة ولايتي الثانية تدور حول العمال في هذه الأمة». ولم يقدم بايدن حتى الآن الكثير من التفاصيل حول فترة ولاية ثانية، ولا يزال أمامه الكثير من التفاصيل التي يتعين عليه شرحها. ومع ذلك، فإن تحوله إلى السياسة التقدمية يعكس الاعتراف بأن «الديمقراطيين» يجب أن يقدموا أجندة إيجابية مؤيدة للطبقة المتوسطة ومفعمة بالأمل. في مقابلة مع برنامج «مورنينج جو» الأسبوع الماضي، استعرض كبير موظفي البيت الأبيض السابق «رون كلاين» نقطة تركيز جديدة على أجندة تقدمية تسلط الضوء على الفرق بين بايدن وترامب، كما أكد «جريج سارجنت»، كاتب العمود بمجلة «نيو ريبابليك»، في مقابلة منفصلة أن «الشعبوية الاقتصادية التي نجحت في حملة عام 2020 … يجب استعادتها بقوة أكبر». أفكار السياسة الفعلية هي إحدى الطرق لإعادة التواصل مع القطاعات الرئيسة من ائتلاف بايدن - التي تمثل على سبيل المثال، الشباب الذين خرجوا من سوق الإسكان بسبب ارتفاع الأسعار، والآباء العاملين، والأجراء بالساعة، والمتقاعدين. وكما يوفر برنامج الديون الطلابية فوائد حقيقية للناخبين الشباب، فإن بنود جدول أعمال الولاية الثانية هذه تسمح لـ«الديمقراطيين» بتسليط الضوء على المزيد من الإجراءات الإيجابية التي يمكن للحكومة اتخاذها من أجل الأميركيين. في جوهر الأمر، يهدف بايدن إلى تسليط الضوء على التناقض المجرب والحقيقي بين الحزبين: «الديمقراطيون» كحزب الأشخاص العاديين غير الأقوياء وغير الأثرياء، و«الجمهوريون» كحزب القطط السمان. ولم يمض وقت طويل عندما أبدى «الجمهوريون» اهتماماً بتقديم أنفسهم باعتبارهم شعبويين اقتصاديين. وبدلاً من ذلك، استمروا في السير على طريق التخفيضات الضريبية لصالح الأغنياء، مما أدى إلى تقويض النقابات ومعارضة البرامج التي تساعد الأميركيين العاديين (مثل تخفيف ديون الطلاب). ستتضمن الرؤية الواردة في خطة 2025 تخفيض كل شيء بدءاً من تنظيم سلامة العمال إلى برنامج «هيد ستارت» (برنامج مقدم من قبل وزارة الصحة والخدمة الإنسانية الأميركية، التي توفر التعليم الشامل، والصحة، والتغذية، وكذلك توفر خدماتها إلى الأطفال وأسرهم من ذوي الدخل المحدود.) وإلغاء حدود التخفيض التي فرضها قانون خفض التضخم على أسعار الأدوية الموصوفة. عند استطلاع آراء الأفراد، فإن سياسات ترامب لا تحظى بشعبية كبيرة.

يراهن بايدن وزملاؤه «الديمقراطيون» على أنهم يستطيعون تذكير الناخبين «الديمقراطيين» التقليديين والمستقلين على حد سواء بأسباب تحسن أدائهم المالي مع وجود «الديمقراطيين» في السلطة. في مقال افتتاحي لصحيفة «نيويورك تايمز» يوم السبت، كتب السيناتور بيرني ساندرز (اشتراكي ديمقراطي -فيرمونت)، وهو منتقد لبايدن في بعض القضايا: «يريد جو بايدن فرض ضرائب على الأغنياء حتى نتمكن من تمويل احتياجات الأسر العاملة وكبار السن والأطفال والمرضى والفقراء. يريد دونالد ترامب خفض الضرائب على طبقة المليارديرات. يريد جو بايدن توسيع مزايا الضمان الاجتماعي. يريد دونالد ترامب وأصدقاؤه إضعاف الضمان الاجتماعي. يريد جو بايدن أن يسهل على العمال تشكيل النقابات والمساومة الجماعية للحصول على أجور ومزايا أفضل. يريد دونالد ترامب السماح للشركات المتعددة الجنسيات بالإفلات من استغلال العمال وسرقة المستهلكين. جو بايدن يحترم الديمقراطية.

دونالد ترامب يهاجمها». لقد تحدث بايدن في المجمل عن خلق فرص العمل، وخفض البطالة، وارتفاع النمو، وبقية إنجازاته الاقتصادية. ولكن إذا كان يريد إشراك «الديمقراطيين» التقليديين والمستقلين، فسيحتاج إلى أن يكون أكثر تحديداً بشأن ما فعله وما سيفعله. توقع منه، على سبيل المثال، أن يسلط الضوء على التناقض بين سجل بايدن وسجل ترامب فيما يتعلق بـ«المقاطعات المتروكة».

وجد تقرير حديث صادر عن مجموعة الابتكار الاقتصادي ما يلي: «بين عامي 2016 و2019، بلغ متوسط ​​نمو الوظائف السنوي في هذه المقاطعات 0.4% فقط، أي أقل من ثلث المعدل الوطني. وبحلول بداية عام 2020، كان أقل من الثلث قد استعاد جميع الوظائف التي فقدها خلال الركود الكبير. وبين عامي 2020 و2023، نمت الوظائف في المقاطعات المتخلفة عن الركب بأكثر من أربع مرات أسرع مما كانت عليه في السنوات الأربع السابقة - وقد استعاد ما يقرب من نصف هذه المقاطعات بالفعل جميع الوظائف التي فقدتها خلال فترة الركود الاقتصادي بسبب فيروس كورونا». حتى وقت قريب، كانت حملة بايدن تسعى إلى جعل السباق حصرياً تقريباً ضد ترامب وأجندته. وبينما يستعرض بايدن قدراته بعد أسبوعين مضطربين، فمن المؤكد أنه لن يسمح للناخبين بنسيان ذلك، فضلاً عن حرمان المحكمة العليا اليمينية من حق المرأة الدستوري في السيطرة على جسدها.

جينيفر روبن*

*كاتبة أميركية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»