كانت الأسرة وما تزال إحدى أهم مكونات المجتمعات التقليدية التي تعمل جاهدة على الحفاظ على ذلك المكوّن، والذي فقدته معظم دول الغرب - إن لم نقل كلها - كما كاد يتلاشى في دول كثيرة، مع العلم أن بناء الأوطان يبدأ بالإنسان من حيث القيم الذي يتربى عليها، والتنمية التي يجب أن يحظى بها باعتباره أساس التقدم.
ومن وجهة نظرنا، فإن الحفاظ على نمو المجتمع بشكل متوازن لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود أسرة تقليدية مكونة من أب وأم وأطفال، باعتبارها النواة الأساسية لبناء المجتمع، التي تعمل الإمارات على حمايتها من أي اختراق، سواء من خلال القرارات أو عبر تقديم البرامج والخدمات الحكومية المرتبطة بهذا الشأن، وذلك لكون الأسرة - بالنسبة لنا - وحدة حيوية، وضمن نطاقها وبين أفرادها تنشأ أولى التفاعلات والعلاقات البشرية. ولتكريس مفهوم الأسرة كمعنى وقيمة، ما تزال عدة مجتمعات تسعى لأن تكون الأسر فيها متوازنة بما ينسجم مع ثقافاتها وعاداتها وتقاليدها، ومن بينها المجتمع الإماراتي، حيث تسعى حكومتنا وبقوة لحماية الأسرة فيها، وتعزيز تماسكها، وذلك من خلال منظومة القوانين الموجودة فيها، والإجراءات والقرارات التي تتخذها بسبب ما يشهده العالم من تحولات متسارعة تفرز تحديات كبيرة أمام الأفراد والأسر، وتهدد أمنهم واستقرارهم بشكل مباشر.
ويعتبر هذا السبب واحد من الأسباب التي جعلت حكومتنا تولي الأسرة الرعاية والاهتمام لتجنيب مجتمعنا الكوارث التي تتعرض لها مجتمعات الغرب، تلك التي فقدت غالبيتها الأسرة معنىً ووجوداً وقيمة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، ولكون الأسرة لدينا هي واحدة من أهم محركات عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإن برنامج «دعم نمو الأسرة الإماراتية» الذي تشرف عليه وتنفذه دائرة تنمية المجتمع يسعى إلى تعزيز جودة حياة الأسرة من خلال تشجيع جيل الشباب على الزواج والإنجاب لزيادة أعداد أفراد الأسرة، وتمكينهم لتأسيس أسر مستقرة، وهو ما يفضي إلى تعزيز تماسك الأسرة والمجتمع. ولا أستطيع أن أخفي سعادتي بالبرنامج بما فيه من مبادرات، نظراً لانسجامه مع ما تقدمه «مؤسسة التنمية الأسرية»، التي تؤمن بأن الأسرة الناجحة هي النواة التي تتميز بروابط قوية وبعلاقات صحية بين أفرادها.
ومن المؤكد أن تنشئة الأطفال اجتماعياً ونفسياً وسلوكياً بشكل صحي وسليم، تتطلب بيئة أسرية مستدامة تُقدّم فيها الخدمات التي تحميهم وتضمن حقوقهم وتوفر الرفاه لهم. وجميع الخدمات يقدمها «مركز الطفل» في أبوظبي الذي يعمل تحت مظلة هيئة الرعاية الأسرية تتسم بالمهنية لصقل مهارات الأطفال وذويهم وتمكينهم نفسياً وذهنياً لبناء علاقات صحية فيما بينهم من جهة ومع المجتمع من جهة أخرى، كما يساعد المركز الأسر والأطفال فاقدي الرعاية الأسرية لإطلاق مواهبهم وإبداعاتهم.
أما عبر برنامج «دعم نمو الأسرة الإماراتية»، فإن الحكومة تدعم ذوي الأطفال، وتهيئ لهم الفرص للقيام بأدوارهم في تنشئة وتربية أبنائهم، وتمكينهم من بدء رحلة أسرية مستقرة تتسم بالمرونة لتحقيق التوازن بين حياتهم اليومية ومسؤولياتهم الأسرية. والمتبحر في تفاصيل كل برنامج وخدمة تقدمها حكومة أبوظبي سيجدها تعكس الحرص على بناء مجتمع سليم على الرغم من التغيرات التي تطال كل جوانب حياتنا. مجتمع يتمتع أفراده بالرفاه الاجتماعي والعيش الكريم.
وبناءً على كل ذلك، وعلى النموذج الذي تقدمه حكومة أبوظبي على وجه التحديد، يمكننا القول بأن رؤية الإمارات واضحة وخططها بعيدة المدى للاستمرار في تعزيز جودة حياة المواطنين انطلاقاً من إيمانها بأن الإنسان هو الثروة الحقيقية وأساس التنمية الشاملة والمستدامة للمجتمع.