نقول يفترض في الأحداث الراهنة بفلسطين أن نرى من أميركا وجهاً واضحاً للحياد الإيجابي في هذا الصراع الدامي. ولكن الواقع يخالف ظننا الحسن بأميركا التي تعلن منذ أكثر من سبعة عقود، بأنها مع حل الدولتين للعيش جنباً إلى جنب بسلام واستقرار وأمان.

نستنطق إسرائيل في ذلك عبر موقع «أكسيوس» الأميركي نقلاً عن مسؤول إسرائيلي قال: «إن إدارة بايدن لم تعط إسرائيل أي مهلة نهائية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وأكدت بأن قدرتها على كبح الضغط الدولي على إسرائيل وصلت لنهايتها، وأن الرسالة العامة من واشنطن هي أنها تدعمنا لكنها تريد إنهاء العملية في غزة». كيف يمكن تحقيق هذه التناقضات في المشهد الذي عبر عنه توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق بقوله: «النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني يُدمي القلب»، وأنه «لن يتم التوصل إلى أي حل إلا إذا قمنا بمعالجة المشاكل الكامنة وراء هذا النزاع».

هذا النوع من إدماء القلب يكمن علاجه عند جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض عندما أوضحت بأن واشنطن منخرطة في جهود دبلوماسية مكثفة بأعلى المستويات لإنهاء الصراع، مع التركيز على خفض التصعيد ومستعدون لتقديم الدعم إذا سعت الأطراف لذلك. هذا الدعم المشروط كيف يمكن التعامل معه، وقد ذهب طرفا الصراع إلى أبعد من مسافة كسر الشروط. أما حُسن هذه الرعاية فنجدها عند وزير الخارجية الأميركي، حيث أوضح أن الولايات المتحدة لا تزال قلقة للغاية، من تصعيد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث تعمل بشكل مكثف لوضع حد للعنف، وشعرنا بالقلق بسبب تعريض الصحفيين والمسعفين للخطر. و هو الوضع الذي يُحمِّل إسرائيل عبئاً إضافياً لفعل كل شيء لتجنب الخسائر المدنية، وندعو «حماس» والفصائل الأخرى في غزة إلى وقف الهجمات الصاروخية، هذا وقد طلبنا تفاصيل إضافية من إسرائيل في ما يتعلق بالهجوم على مبنى غزة الذي يضم مكاتب ومنافذ إعلامية. لقد أقلقت مكاتب إعلامية أميركا كثيراً، ولم يدم ما أمطرته 200 طائرة، وهي تقصف غزة، وهي ليست كلها «حماس» بالطبع إصبع أميركا كما أدمى قصف قلب توني بلير! هذا العدد الهائل من الطائرات لم تستخدمها إسرائيل طوال حروبها المتواصلة مع العرب، وفي مساحة لا تتجاوز قراب 350 كلم مربعاً، وترى أميركا هذا من صلب الدفاع عن النفس.

من بين هذا الدمار ومن تحت هذا الركام تطالب السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي ليس باستخدام البند السابع ضد إسرائيل، بل لإصدار بيان إدانة، ولكن أميركا لا تقر للصين بذاك وماطلت حتى سوت إسرائيل كل قائم بالأرض. وها هي بكين تأسف لقيام واشنطن بعرقلة بيان مجلس الأمن حول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. رئيس الوزراء الفلسطيني يطالب بقرار أممي يقضي بعدم شرعية كافة الإجراءات الإسرائيلية، لأن إسرائيل ترتكب جرائم ممنهجة ضد الفلسطينيين وتبثها على الهواء مباشرة للعالم، لذا على المجتمع الدولي التدخل وتقديم مشروع للحل يستند على الشرعية والقانون الدوليين.

وهو عين المطلوب وهو ما ذكره معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، في تدوينة على موقع (إكس) عندما أكد على أن الإمارات تقف مع الحق الفلسطيني ومع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومع حل الدولتين ومع دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وهذا موقفٌ تاريخي مبدئي لا يتزحزح.

*كاتب إماراتي