دولة الإمارات العربية المتحدة تتبنى استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام بشكل استباقي، بهدف فتح آفاق جديدة للنمو وتشكيل مستقبل غني بالتكنولوجيا. في هذا الإطار، أطلقت الحكومة الإماراتية دليلاً يحدد 100 حالة استخدام عملي وتطبيقات للذكاء الاصطناعي التوليدي، بدءاً من الفنون البصرية إلى إنشاء المحتوى الصوتي.يهدف هذا الدليل إلى الترويج لتطوير محتوى إعلامي عالي الجودة يمكن أن يتردد صداه بشكل أعمق مع الجماهير في دولة الإمارات والمنطقة وخارجها.
كما يقدم شرحاً معمقاً للذكاء الاصطناعي التوليدي ويحدد الاستراتيجيات المثلى لإدارة التقنيات الرقمية المتنوعة مع التركيز على خصوصية البيانات وأهمية الاستفادة من هذه التقنيات. وفي هذا السياق، تشهد كليات الإعلام في دولة الإمارات اعتماداً متزايداً على تقنيات الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، تستخدم جامعة الإمارات العربية المتحدة هذه التقنيات في تحليل البيانات الإعلامية وتطوير مناهج تعليمية مبتكرة، بينما تدمج جامعة زايد تقنيات الذكاء الاصطناعي في برامجها الأكاديمية لتقديم تعليم مخصص وتحليل أداء الطلاب الأكاديمي. كما نظمت كلية «ليوا» مؤتمراً لاستكشاف مختلف استخدامات الذكاء الاصطناعي في الإعلام، ولتعزيز الحوار بين الباحثين والخبراء وصناع السياسات. بالإضافة إلى ذلك، نظم نادي دبي للصحافة جلسة بعنوان «كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على الإعلامي»، بالتعاون مع مجلس دبي للإعلام ومعالي عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد. تأتي هذه المبادرات ضمن استراتيجية دولة الإمارات الرامية إلى تعزيز مكانتها وريادتها العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي عبر الاستثمار في الأفراد والقطاعات ذات الأولوية.
ويتولى المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي اقتراح السياسات الهادفة التي توفر بيئة محفزة لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات. وعلى الرغم من هذه الجهود، تواجه تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام تحديات عديدة، أبرزها التكيف مع التقنيات الجديدة، إذ يتطلب من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس التأقلم مع هذه التغييرات من خلال برامج تدريبية وتأهيلية مناسبة. بالإضافة إلى ذلك، تثير قضايا الخصوصية مخاوف حول حماية بيانات الطلاب، مما يستدعي وضع سياسات وضوابط صارمة لضمان الأمان. كما أن التكلفة المرتفعة لتقنيات الذكاء الاصطناعي تشكل عقبة أمام بعض المؤسسات الأكاديمية في تبنيها.
ومع ذلك، تظل الفرص المتاحة كبيرة، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسن جودة المحتوى الإعلامي ويجعله أكثر دقة للجمهور المستهدف، ويعزز الإنتاجية والكفاءة في العمليات الإعلامية. في ظل تبني دولة الإمارات للذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام، تتجلى الرؤية الطموح لفتح آفاق جديدة للنمو التكنولوجي.
ورغم التحديات المختلفة، تقدم هذه المبادرات فرصاً كبيرة لتحسين جودة المحتوى الإعلامي وتعزيز الإنتاجية والكفاءة. ومن خلال الاستثمار في التعليم والتدريب، تسعى الإمارات إلى ترسيخ مكانتها كدولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يجعلها نموذجاً يحتذى به في الابتكار الإعلامي.
* باحثة سعودية في الإعلام السياسي