هذا العنوان ليس لي، إنه جزء من عنوان كتاب للباحث الأميركي في شؤون الفضاء الدكتور لي بيلينغ. أما الجزء الثاني من العنوان فهو «البحث عن الحياة بين الكواكب». يقول الكاتب إن أول كوكب يدور حوله نجم آخر اكتُشف في عام 1992. ومع الوقت ارتفع عدد الكواكب المكتشفة إلى أكثر من مائة. وهناك آلاف الكواكب الأخرى التي يبحث العلماء عن العوامل التي تؤكد وجود أجرام تدور حولها. وفي الكون اللامحدود يقدّر العلماء عدد الأجرام والكواكب بأكثر من مليارين.
تصوروا مدى اتساع هذا الكون، وتأملوا ما ورد في القرآن الكريم: «وإنا لموسعون».. فالكون يتسع باستمرار ويلهث العلماء وراء معرفة كيفية اتساعه، والنتائج المترتبة على هذا الاتساع.
يعرف العلماء اليوم وجود عشرات الكواكب التي تشبه كوكبنا الأرضي، لجهة الحجم والحرارة والجاذبية. وهم يراقبون عن كثب أكثر من ألف كوكب منها بسبب قربها النسبي من الكرة الأرضية. وقد أكدت دراساتهم وجود كواكب بمواصفات الكرة الأرضية أو قريباً من هذه المواصفات. وهذا يعني أنها قد تكون صالحة للحياة البشرية، أو يمكن إعدادها لتكون صالحة. وتنتشر هذه الكواكب في المجرة التي نحن جزء منها.. وحجم هذا الجزء، أي حجم كرتنا الأرضية لا يساوي أكثر من حجم حبة رمل في صحراء واسعة.
ويقدّر العلماء عدد الكواكب التي ترافقها أجرام على شاكلة الكرة الأرضية بأكثر من ملياري كوكب. ويتوقعون اكتشاف حياة من نوع ما في أي من هذه الكواكب خلال هذا القرن. وربما يقلل التقدّم التقني في صناعة المركبات الفضائية والصواريخ بعيدة المدى من المدة الزمنية التي يحتاجها الإنسان في رحلة الوصول إلى هذه الكواكب.
وبدأت الرحلة العلمية إلى الفضاء بحثاً عن جواب على السؤال التالي: هل نحن وحدنا في هذا الكون؟ وكان هناك اعتقاد بوجود عوالم أخرى ربما تكون أكثر تقدماً من عالمنا. حتى أن باحثين نسبوا إليها آثاراً عمرانية إعجازية في مناطق متعددة من كرتنا الأرضية في آسيا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط. لكن لم يؤكد العلمُ ذلك حتى الآن.
إلا أن الاهتمام تحوّل الآن إلى هدف آخر، وهو البحث عن مأوى آمن للإنسان إذا أصبحت الحياة مستحيلة على الكرة الأرضية. كان يُعتقد أن هناك سباقاً غير متكافئ بين زيادة عدد سكان الكرة الأرضية والقدرة على إنتاج المواد الغذائية. أما الآن فالإنسانية تواجه خطر التدمير الذاتي لمقوّمات الحياة باستخدام السلاح النووي والهيدروجيني في حروب المستقبل. وإذا كان ارتفاع حرارة الأرض قد يؤدي إلى تذويب الكتل الثلجية، ورفع مستوى مياه البحار، فإن تشبّع الفضاء بغاز الميثان وثاني أوكسيد الكربون يزيد الطين بلة، ويحوّل نعيم الحياة على الكرة الأرضية إلى جحيم. وقد بدأت مؤشرات ذلك بارتفاع حرارة الكرة الأرضية.
تسرّع هذه الوقائع مساعي البحث عن كوكب آخر يكون ملجأ للإنسان إذا ما استحال استمرار الحياة على الأرض. ومن أجل ذلك يركز العلماءُ أبحاثَهم على أكثر من ألف كوكب قريب –نسبياً- من الأرض يمكن أن يكون صالحاً للحياة الإنسانية، أو يمكن إعداده ليكون مهيّأ لاستقبال إنسان الغد المهاجر من الكرة الأرضية. وأهم المقومات: الهواء (الأوكسجين)، والماء («وجعلنا من الماء كل شيء حيّ»). غير أنه من أهم التطلعات الإنسانية هو البحث عن حياة ذكية في هذه الكواكب لتؤكد أن الإنسان ليس وحيداً. فإذا اكتُشفت الحياة الذكية في مكان ما من هذا الكون الواسع، فمَن يضمن أن تكون ودّية مع الإنسان القادم إليها من الكرة الأرضية؟ ومن يضمن أن يكون الإنسان نفسه المهاجر من الكرة الأرضية ودّياً مع «أهل» الكوكب الذي هاجر إليه؟
إن علامات الاستفهام كثيرة وكبيرة. والإجابة عليها تشكل مفتاحَ المستقبل الإنساني، سواء على سطح الكرة الأرضية المهدّدة أو في الفضاء الواسع والمتوسّع.
*كاتب لبناني