شاركت دولة الإمارات دول العالم المختلفة في الاحتفاء بـ«اليوم العالمي لإعادة التدوير» الذي يصادف 18 مارس من كل عام، بهدف تشجيع البشر حول العالم على إعادة النظر فيما يتخلصون منه ورؤيته بطريقة مختلفة وأكثر رحابة وإبداعية. وتكمن أهمية «اليوم العالمي لإعادة التدوير» في تسليطه الضوءَ على عملية إعادة التدوير، وتعزيز الوعي بأهمية التخلص السليم من النفايات للحد من التغير المناخي وحماية البيئة.
ويُؤكد إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تمديد مبادرة «عام الاستدامة» خلال العام 2024، التزام الدولة بتطبيق نهج الاستدامة في شتى جوانب الحياة، ويعكس حرص القيادة الرشيدة على مواصلة حشد الجهود العالمية لمواجهة أزمة التغير المناخي ولحماية البيئة بما يضمن مستقبلًا أكثر إشراقاً وازدهاراً للأجيال القادمة. وهنا لا بد من الإشارة إلى ما حققته الدولة من إنجازات مهمة في عام 2023 بشأن تعزيز الوعي بقيم الاستدامة، واتفاق الإمارات التاريخي الناتج عن مؤتمر «كوب 28»، والذي يهدف إلى ترسيخ مفاهيم الاستدامة وأهمية حماية البيئة والموارد، وتعزيز الوعي بأن التصدي لمشكلة التغيرات المناخية مسؤولية جماعية لكل أفراد المجتمع.
وتحظى دولة الإمارات بسجل حافل في مجال الاستدامة من خلال مبادرات ومشروعات رائدة تعكس القيم الراسخة للحفاظ على البيئة، وتواصل الدولة تنفيذ برامجها في هذا المجال على المستوى الوطني وحول العالم لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، مستلهمةً رؤية وفكر القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وقد تفاعلت جهات مختلفة في دولة الإمارات مع الاحتفال بـ«اليوم العالمي لإعادة التدوير» من خلال أنشطة مختلفة، إذ نظم «إكسبو دبي» عدداً من ورش العمل التفاعلية لإعادة التدوير، تضمنت العديد من النشاطات، بدءاً من تحويل بقايا الطعام إلى سماد وحتى إعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية. ودعت مدينة إكسبو دبي الزوار إلى إحضار المواد القابلة لإعادة التدوير، مثل العبوات البلاستيكية وصناديق الورق المقوى والأجهزة الإلكترونية التالفة، للحصول على النصائح، واكتشاف كيفية إعادة تدوير هذه النفايات بشكل مباشر ثم إعادة استخدامها. كما تضمنت الأنشطة الاحتفالية عرضاً لمبادرة «دولسكو» التي تحول النفايات الضخمة إلى أثاث أنيق وقطع فنية مزخرفة.
وفي الواقع، فإن جهود إعادة التدوير بالدولة قد بدأت في وقت مبكر، إذ أنشئ «مركز أبوظبي لإدارة النفايات- تدوير» في عام 2008، ليكون مسؤولاً عن السياسات والاستراتيجيات والنظم التعاقدية لإدارة الفضلات والنفايات في جميع أنحاء الإمارة. ولاحقاً أصدرت الدولة القرار الاتحادي رقم 12 لسنة 2018، بشأن الإدارة المتكاملة للنفايات، والذي يهدف إلى تنظيم عملية إدارة النفايات وتوحيد آليات وطرق التخلص السليم منها، بالاستناد إلى أفضل الممارسات والتقنيات المتاحة.
وضمن هذه الجهود المتواصلة، تأسست «شركة الإمارات لتحويل النفايات إلى طاقة» عام 2017، بشراكة بين شركتي «مصدر» و«بيئة» الوطنيتين، وتولت مهمة إنشاء محطة متطورة تقنياً لتحويل النفايات إلى طاقة في إمارة الشارقة. وتسهم هذه المحطة في معالجة نحو 300 ألف طن سنوياً من النفايات الصلبة بدلاً من تحويلها إلى مدافن النفايات. وتصل سعة الإحراق في المحطة إلى نحو 37.5 طن من النفايات الصلبة في الساعة. وأصدرت الحكومة لوائح صارمة تحظر استخدام وتداول الأكياس البلاستيكية وغيرها من الأصناف البلاستيكية أحادية الاستخدام، وشجّعت المستهلكين والشركات على تبنّي بدائل صديقة للبيئة، على غرار أكياس القماش القابلة لإعادة الاستخدام.
ولا شك في أن هذه الجهود المستمرة من قبل دولة الإمارات في مجال إعادة التدوير تعكس وعياً عميقاً بأهمية الحفاظ على البيئة والتصدي للتداعيات السلبية للتغيرات المناخية، إذ تقدم الإمارات نموذجاً ملهماً في هذا المجال.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية