دعم إماراتي ثابت لـ«الأونروا»
في الوقت الذي تواجه فيه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» الكثيرَ من التحديات، بعد قرار عدد من الدول المانحة (منها الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا والمملكة المتحدة وفنلندا وهولندا وألمانيا وفرنسا) تعليق تمويلها للوكالة في أعقاب اتهام إسرائيل موظفين في «أونروا» بالضلوع في الهجوم عليها في 7 أكتوبر الماضي، أكدت دولة الإمارات في أكثر من مناسبة حيوية الدور الذي تقوم به الوكالة التابعة للأمم المتحدة وأهمية استمرار الدعم الدولي لها.
وقد التقى يوم الأحد الماضي، سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، فيليب لازاريني، المفوض العام لـ«أونروا»، حيث أكد سموه أن دعم الوكالة يشكل ركيزةً أساسية لترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى أن تحقيق الاستدامة للأعمال الإنسانية لـ«أونروا» بات أولوية ملحّة، في ظل التحديات الحالية، وهو ما يتطلب تكاتف جميع الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي لدعم الوكالة، وكل الجهود الأممية المبذولة لإغاثة الشعب الفلسطيني الشقيق.
وكان قد سبق هذا اللقاء اتصال هاتفي بين سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، والسيد فيليب لازاريني (30 يناير)، وكتب الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة على منصة «إكس» (1 فبراير) مؤكداً أن دعم الإمارات الراسخ لـ«أونروا»، ودعوة سمو وزير الخارجية إلى إعادة النظر بشكل عاجل في قرارات تعليق تمويل الوكالة، موقف تاريخي وإنساني مهم لمواجهة الظروف الحرجة التي يعيشها الفلسطينيون، مشدداً على وقوف دولة الإمارات مع جهود الوكالة في مشاريعها الإنسانية، ورفضها العقاب الجماعي الذي يطال المدنيين الأبرياء.
وتعكس تصريحات المفوض العام لـ«أونروا» المأزقَ الكبير الذي تعانيه الوكالة خلال المرحلة الحالية، ومن ثم أهمية الموقف الإماراتي الداعم لها، حيث أكد السيد فيليب لازاريني مطلع الشهر الجاري أنه إذا استمر تعليق التمويل، فستضطر الوكالة على الأرجح إلى وقف عملياتها بحلول نهاية شهر فبراير الجاري، ليس فقط في غزة، ولكن على امتداد المنطقة أيضاً. ويجسد الموقف الإماراتي الداعم لـ«أونروا» الدورَ الحيوي الذي تقوم به، فالوكالة التي تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949 لرعاية اللاجئين الذين فروا، أو طردتهم إسرائيل من منازلهم، والذين بلغ عددهم 700 ألف فلسطيني، تشغّل أكثر من 30 ألف فلسطيني لتقديم الاحتياجات المدنية والإنسانية لنحو 5.9 ملايين من نسل هؤلاء اللاجئين، في قطاع غزة والضفة الغربية، وفي المخيمات الواسعة في الدول العربية المجاورة. ولم يتوقف رد فعل دولة الإمارات عند حد إعلان استمرار دعمها الثابت لـ«أونروا»، حيث دعا سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، خلال الاجتماع مع المفوض العام للوكالة في أبوظبي، الدولَ المانحة التي قامت بتعليق تمويلها للوكالة إلى إعادة النظر في هذا القرار.
وفي الثالث من فبراير الجاري، أعلنت دولة الإمارات تخصيص مبلغ 5 ملايين دولار لدعم جهود سيجريد كاج، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة.ويهدف الدعم الإماراتي لـ«أونروا»، إلى مساعدتها في القيام بدورها في توفير التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، وتوفير الحياة الكريمة لهم، وهذا الدعم يُبرز تاريخاً طويلاً من التعاون والتضامن الإنساني لدولة الإمارات مع الوكالة، مما يظهر التزام الدولة الراسخ تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وتجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات قد قدمت في أكتوبر الماضي، عقب تفجر أحداث السابع من الشهر المذكور، مساعدات عاجلة إلى الأشقاء الفلسطينيين بنحو 20 مليون دولار من خلال «أونروا»، ليعكس ذلك الدعم الإماراتي الثابت للوكالة، التي تعد الإمارات من أكبر الجهات المانحة لها، بمساهمات بلغت أكثر من 828 مليون دولار بين عامي 2013 و2020.
إن الدعم الإماراتي الراسخ لـ«أونروا» يعكس القيم الإنسانية العميقة التي تغلب على السياسة الخارجية لدولة الإمارات، ووقوفها الدائم مع القضية الفلسطينية، وهو ما يعزز الجهود الدولية لتحسين ظروف اللاجئين الفلسطينيين، وتوفير الفرص الضرورية لتحقيق حياة كريمة لهم.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.