في تطور يؤكد ريادة دولة الإمارات عالمياً بوصفها وجهة رائدة في التحوّل الرقمي، اختيرت الدولة لرئاسة مجموعة العمل المعنية بالحوسبة السحابية التابعة للبنك الدولي، وذلك تقديراً للتقدّم الكبير الذي حققته الإمارات في مجال التكنولوجيا المتقدمة والرقمنة، ونجاحها في تطبيق أفضل الممارسات العالمية في الحوسبة السحابية، ودعم الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص للتحوّل إلى منظومات الحوسبة السحابية، من خلال اتّباع أفضل الحلول السيبرانية لحماية البيانات.
وتضمّ مجموعة العمل المعنية بالحوسبة السحابية، التي ترأستها سابقًا سنغافورة والمملكة المتحدة، 27 دولة ومنظمة دولية وشركة رائدة، وتهدف إلى تعزيز المعايير والممارسات العالمية في مجال الحوسبة السحابية، ودفع عجلة الابتكار والتنمية الرقمية المستدامة.
وفي الواقع، فإن دولة الإمارات قد بدأت مسار الريادة العالمية في الرقمنة والتحوّل الرقمي انطلاقًا من «رؤية الإمارات 2021»، التي أطلقتها الحكومة في عام 2010، وركّزت على بناء اقتصاد تنافسي معرفي مستدام مبني على الرقمنة والابتكار، وكانت الإمارات سبّاقة في هذا المجال، الأمر الذي مكنها من تحقيق العديد من الإنجازات المتفردة.
ويحظى التحول الرقمي باهتمام كبير من قبل القيادة الرشيدة ممثلةً في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يؤكد سموه «إن دولة الإمارات تعزز موقعها في تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة، والذكاء الاصطناعي، واستشراف مستقبلها، وتوجيهها إلى خدمة الإنسان وتقدّمه ورفاهيته، وتؤمن بأن قيمة التكنولوجيا تكمن في قدرتها على تغيير حياة البشر إلى الأفضل، وأن مسؤوليتنا أن نجعل من التكنولوجيا جسرًا للبناء والتقدّم والأمن والاستقرار للجميع».
ومن أمثلة مؤشرات التقدم الذي حققته دولة الإمارات في مجال الرقمنة، استنادًا إلى «رؤية الإمارات 2021»، وبعد نحو عقد من تطبيقها، حلولها في المرتبة الأولى عربيًّا والعاشرة عالميًّا في مؤشر التنافسية الرقمية العالمي لعام 2020، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية، كما جاءت في المرتبة الأولى عربيًّا والحادية والعشرين عالميًّا في مجال الحكومة الإلكترونية في مسح الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية لعام 2020، والثامنة عالميًّا في مؤشر الخدمات الإلكترونية في المسح ذاته.
كما تبوّأت الدولة المركز الخامس عالميًّا في مؤشر الأمن السيبراني في تقرير الاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2020، وحلّت في المرتبة الأولى في مؤشرات تأثير استخدام الحكومة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحسين الخدمات الحكومية، ونسبة تغطية شبكة الهاتف النقال للسكان. وحققت الإمارات المركز الثالث عالميًّا في مؤشر «استخدام الشركات للبيانات الكبيرة والأدوات التحليلية» في تقرير التنافسية الرقمية العالمية عام 2021، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية.
ومما يجدر ذكره في هذا السياق، على سبيل المثال لا الحصر، مشروع مسار التكنولوجيا «Tech Drive»، ومشروع الشبكة الصناعية الرابعة لتحويل القطاع الصناعي في الدولة إلى قطاع صناعي ذكي بوساطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والتوأمة الرقمية، والصناعة ثلاثية الأبعاد، وغيرها من التقنيات. كما تجدر الإشارة إلى مشروع «100 مبرمج كل يوم»، ومشروع «قمة PyCon العالمية للبرمجة».
ومما لا شك فيه أن الطموحات الوطنية لدولة الإمارات في مجال الرقمنة هي طموحات كبيرة، ورؤيتها الاستشرافية التي رسمتها للمستقبل، المتمثلة في مئوية الإمارات بأن تصبح الدولة الفُضْلى في العالم بحلول عام 2071، هي رؤية مُلهمة تحرّك العقول، وتوفّر للمواهب والأجيال المقبلة فُرصَ العمل والإنجاز. وتُمثّل بعض «مشروعات الخمسين» التي أطلقتها الحكومة في عام 2021، فُرصًا جديدة للرقمنة ستدفع الاقتصاد الرقمي إلى مستويات جديدة من النمو.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية