تحتفل دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر بذكرى تأسيس الاتحاد لتغمر البهجة ربوع هذا الوطن المعطاء، وفي هذه المناسبة نتأمل كيف كانت بداية هذه الملحمة الوطنية على يد القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي كان إيمانه الراسخ بفكرة الاتحاد، هو المحرك الرئيسي لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أصبحت من الفاعلين الأساسيين ليس فقط على الصعيد الإقليمي بل والدولي كذلك، وقدمت نموذجاً تنموياً ملهماً.
وفي هذا الصدد، لا بد أن نستذكر مقولته الخالدة في الوجدان والتي أوصى خلالها بضرورة الحفاظ على المسيرة الوحدوية للدولة حين قال: «علينا جميعاً مواطنين وحكاماً مسؤولية بذل كل التضحيات وتذليل كل الصعاب من أجل استمرار هذه المسيرة الخيّرة نحو أهدافها النبيلة وغاياتها السامية، حيث إنها أمانة وضعها التاريخ في أعناقنا، وعلينا أن نؤديها بكل إخلاص والتزام لكي نضمن لأنفسنا ولأجيالنا القادمة الحياة الحرة الكريمة في مجتمع الرخاء والأمن والاستقرار والسلام».
وفي هذا العام الذي يصادف الذكرى الـ52 لتأسيس الاتحاد نرى المكانة الكبيرة التي تبوّأتها الإمارات في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إذ حققت الدولة إنجازات عدة ليست على الصعيد المحلي فحسب، بل على الصعيدين الإقليمي والعالمي، حيث تستضيف الإمارات خلال هذه الأيام مؤتمر «كوب 28»، أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي، الأمر الذي يؤكد التزامها تجاه قضايا الاستدامة، وجهودها المتواصلة لحشد جهود العالم لإيجاد الحلول العملية للحد من التداعيات السلبية لظاهرة تغير المناخ. ومن خلال هذا الحدث البارز تسعى الدولة لتحقيق تقدم ملموس في مجال استخدام الحلول التمويلية والتكنولوجية المبتكرة لمكافحة هذه التداعيات ودفع الاتجاه نحو تعزيز ركائز الاقتصاد الدائري والسياسات الخضراء، وهو ما يجسد نهجها الفاعل والدؤوب لحماية البيئة.
إلى جانب ذلك، يعد وصول رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي إلى محطة الفضاء الدولية، في رحلة دامت ستة أشهر، وتضمّنت إجراء تجارب علمية تُقدّر بنحو 200 تجربة، إنجازاً تاريخيّاً يضاف إلى سجل الدولة بصفتها أول دولة عربية تنجز أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب. حيث توزّعت تلك التجارب على مجالات مختلفة، مثل زراعة النباتات، والعلوم الإنسانية، وتقنيات استكشاف الفضاء وغيرها، وجرت بالتعاون مع وكالات فضاء عالمية وجامعات إماراتية، الأمر الذي يعكس دور الدولة الفاعل في خدمة المجتمع العلمي محليّاً وعالميّاً.
وفي سياق الحديث عن المؤشرات التنافسية، نجد أن دولة الإمارات تبوّأت هذا العام مراتب متقدمة، حيث حلّت في المرتبة الأولى عربياً في مؤشر تنافسية المواهب العالمي 2023، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية الذي يصنّف الدول حسب حالة وتطوير الكفاءات اللازمة للمؤسسات والاقتصاد. وحصدت المرتبة الأولى عالميّاً في مؤشر «القدرة على استقطاب المواهب» وفق تقرير الازدهار العالمي لعام 2023 الصادر عن «معهد ليجاتوم البريطاني». كما تصدَّرت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في القوة والنفوذ لسنة 2023، بحسب تصنيف مجلة «فوربس» الأميركية عن النسخة الهندية.
إن المسيرة الوحدوية الناجحة لدولة الإمارات منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971، هي نموذج ملهم استطاع أن يراكم الكثير من الإنجازات في المجالات كافة، وإذ نحتفل باليوم الوطني الـ52، تواصل هذه المسيرة المباركة تحقيق المزيد من النمو والازدهار، الأمر الذي جعل شعب الإمارات من أسعد شعوب العالم، وهنا لا يسعنا سوى أن نحمد الله سبحانه وتعالى ونجدد الولاء لقيادتنا الرشيدة التي تبذل الغالي والنفيس لكي تواصل الإمارات تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية وتتقدم بكل ثقة في سبيل أن تصبح الدولة رقم (1) على العالم.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية