أصبح الاتحاد الأفريقي رسمياً عضواً في مجموعة العشرين التي عقدت قمتَها منذ أيام في نيودلهي. وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في كلمته الافتتاحية قد صرح قائلاً: «بموافقة الجميع، أطلب من رئيس الاتحاد الأفريقي أن يأخذ مكانَه كعضو دائم في مجموعة العشرين». وانتقل رئيس الاتحاد الأفريقي بعد ذلك للجلوس إلى جانب قادة دول مجموعة العشرين.

وحصل الاتحاد الذي يضم أزيد من خمسين دولة على نفس وضع الاتحاد الأوروبي، التكتل الإقليمي الوحيد الذي يملك عضويةً كاملة في مجموعة العشرين. ووضع الاتحاد الأوروبي الحالي هو «منظمة دولية مدعوة». وقد ورد في الإعلان: «نرحب بالاتحاد الأفريقي كعضو دائم في مجموعة العشرين، ونؤمن أن ضم الاتحاد الأفريقي إلى المجموعة سيسهم بشكل كبير في مواجهة التحديات العالمية في عصرنا».

وأكد مودي بهذه المناسبة أن «العالم يعاني أزمةَ ثقة هائلة. وكما أننا قادرون على التغلب على كوفيد فنحن أيضاً قادرون على التغلب على أزمة الثقة المتبادلة هذه». بداية إصلاح مجموعة العشرين جعلتني أفكر في إصلاح منظمة الأمم المتحدة، وأتساءل: لماذا لا يتفق أعضاء المجتمع الدولي على تصور استراتيجي يمكِّن هذه المنظمة الدولية من الخروج من سباتها لتكون أكثر تمثيلاً وأكثر جدوى؟!

لكن هيهات هيهات، فطبيعة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والتطاحنات الاستراتيجية والمصالح الآنية الدائمة.. كل ذلك يجعلنا دائماً أمام مسرحية أو كارنفال عقيم أبطاله قوى دائمة تتوفر على حق النقض (الفيتو)، وقد اتفقت على أن لا تتفق أبداً، وحتى إذا اتفقت فذلك يبقى حبراً على ورق. إن إصلاح الأمم المتحدة من المواضيع الحساسة والصعبة، فالدول الخمس الكبرى تتوفر على حق النقض (الفيتو) الذي يمكن أن تستعمله متى شاءت وحسب معاييرها الاستراتيجية الخاصة بها، بل وفي بعض الأحيان حسب مزاجها الدبلوماسي الخاص.

وبعد عام 1945، تاريخ إنشاء المنظمة، حصلت تطورات جيوستراتيجية متعددة يمكن أن تكتب في الآلاف من كتب التاريخ وكتب العلاقات الدولية، دون أن يصاحب ذلك أيُّ تطور أو إصلاح ملموس لميثاق الأمم المتحدة.

إن إصلاح الأمم المتحدة أمر ضروري وملح، لكنه يبقى رهيناً برغبة الدول الثلاث الكبرى: الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية، فهذه الدول مجتمعةً ستظل الركائز الأساسية لأية رغبة في إصلاح المنظمة، كما أنه يظل رهيناً بالرغبة المشتركة لدول الجنوب واجتماعها على البلدان التي يمكن أن تمثلها بصفة دائمة داخل مجلس الأمن. كل الأمناء العامين للأمم المتحدة لا يمكنهم إصلاح مجلس الأمن ولا التأصيل للأدوار الجديدة وميكانيزمات أخذ القرارات التي يمكن تبنّيها لاحقاً لدمقرطة العمل الأممي الدولي.. فجميعهم يعرفون عملَهم والخطوط الحمراء التي رسمتها القوى الدولية لعمل الأمين العام وللمنظمة بأسرها.

الإصلاح صعب في ظل وضع كهذا، وما يجري في العالم من أحداث درامية يكون حله غالباً بين القوى العظمى نفسها، أي خارج الأمم المتحدة، وليس داخل المنظمة الدولية الأكبر والأهم.. وهذه هي الحقيقة المرة.

*أكاديمي مغربي