كتّاب هوليوود.. تحديات البقاء
يقول مثل قديم: «فقط الأحمق هو الذي يحارب في منزل يحترق». في ضوء هذه الحكمة، قد يبدو من المدهش أن تنخرط نقابة الكتاب في أميركا الغربية والشرقية، والنقابات الشقيقة التي تمثل كتاب السينما والتلفزيون في البلاد، في مفاوضات عمالية مشحونة مع الاستوديوهات وشركات البث المباشر، والتي يمكن أن تؤدي، بعد انتهاء عقدها في الأول من مايو، إلى أكبر إضراب في هوليوود منذ 15 عاماً.
بالنظر إلى الوضع الحالي لصناعة الترفيه، نرى عملاً مسرحياً لا يزال يكافح من أجل التعافي من اضطرابات حقبة الكوفيد، ومشهداً تلفزيونياً من الدمج والاستقطاعات في أعقاب طفرة غير مستدامة في محتوى البث. بالتأكيد، يجب أن يكون هذا هو أسوأ وقت ممكن أن يقوم فيه الكتّاب بالإضراب وإغلاق البرمجة النصية.
للأسف، فإن المفاوضات الحالية مع تحالف منتجي الصور المتحركة والتليفزيون (وهي منظمة تمثل استوديوهات هوليوود القديمة وشركات البث المباشر على حد سواء) هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للكتاب، إذ أنها تتعلق ببقاء الكتابة السينمائية والتلفزيونية كمهنة قابلة للحياة للطبقة الوسطى لغالبية أعضائنا. لكي نكون منصفين، كانت كتابة السيناريو دائماً طريقة محفوفة بالمخاطر أو وليمة أو مجاعة لكسب العيش. مع وجود آلاف لا حصر لهم، ممن يجذبهم سحر وثروة هوليود الحقيقية والمتصورة، فإن احتمالات بيع سيناريو أو الحصول على وظيفة في عرض ما كبيرة.
وغالباً ما يبدو الاستمرار في النجاح في مدار المسار الوظيفي أقرب إلى المستحيل. لقد انضممت إلى «نقابة كُتاب أميركا» بعد ثماني سنوات من الرفض، والعمل كصحفي نهاراً والمران على كتابة السيناريوهات كل مساء حتى يتم تعييني للاشتراك في إعداد عمل جماعي، بعنوان «أندروميدا» لكاتب السيناريو الأميركي «جين رودينبيري». كانت أدنى درجة على الإطلاق من الترفيه المكتوب، ولكن في ذلك الوقت بدا وكأنه جنة، وتقاضيت ما يكفي لكي أشتري لعائلتي الصغيرة منزلاً في سان فرناندو.
ولكن بعد ثلاثة مواسم من العمل التليفزيوني المطرد وتسجيل سيناريو الفيلم الناجح «Agent Cody Banks»، نفد حظي أخيراً. واستغرق الأمر ما يقرب من ثلاث سنوات أخرى من الاجتماعات، والعروض الترويجية التي لم تُعرض في أي مكان، وشراء البقالة ببطاقات الائتمان قبل أن أعود للعمل المنتظم مرة أخرى. لحسن الحظ، تم تنظيم خطة التأمين الصحي لنقابة الكتاب في أميركا، حيث يدخر الكتّاب النقاط التي تسمح لنا بالحفاظ على تغطية النفقات في الفترات التي تتخلل العمل، وإلا فإن الملاءة المالية لعائلتي ستكون في شك كبير.
يكسب أعضاء «نقابة الكُتاب في أميركا» في المتوسط حوالي 250 ألف دولار سنوياً - وذلك قبل الضرائب ورسوم النقابات والعمولات للوكلاء والمديرين والمحامين. الحقيقة هي أن رواتب هوليوود التي تبدو كبيرة يجب أن تستمر خلال الفترات العجاف التي يمر بها كل كاتب تقريباً. تقليدياً، من أكبر عوامل التخفيف ضد هذا التقلب في ظروف العمل هي الأموال التي يكسبها الكُتاب من إعادة عرض أعمالنا، والتي تشمل كل شيء من إعادة البث عبر الكابل وإعادة عرض الحلقات التلفزيونية القديمة إلى شركات الطيران التي ترخص الأفلام للمشاهدة على متن الطائرة. تكون الصيغ المستخدمة لحساب الأموال المستحقة لمختلف أشكال إعادة الاستخدام معقدة وتتنوع على نطاق واسع عبر الأنظمة الأساسية. نتيجة لذلك، يمكن أن تكون المدفوعات صغيرة نسبياً أو كبيرة جداً - وأحد أكثر الأجزاء المبهجة لكونك كاتب سيناريو عاملاً هو فتح صندوق البريد الخاص بك ورؤية المغلف الأخضر المميز الذي يضم هذه الأموال، دون معرفة ما إذا كان الشيك بالداخل سيغطي ساندويتش برجر أو دفعة الرهن العقاري الخاصة بك.
لكن احتمالات وجود «شيك كبير» ينقذ كاتباً في ضائقة مالية رهيبة تتزايد أكثر من أي وقت مضى. تتحرك البرمجة بشكل متزايد بعيداً عن المسرح والبث والتلفزة الكيبلية إلى منصات البث، والتي عادةً ما تدفع هذه الدفعات من الأموال بمعدل أقل بكثير. هذا هو السبب في أن أحد المجالات الرئيسية في مفاوضاتنا الحالية هو جعل أموال إعادة البث أكثر اتساقاً مع معدلات البث والتلفزة الكيبلية. وتشمل المشكلات التي تتم مناقشتها على طاولة المفاوضات زيادة الحد الأدنى من التعويضات للكُتّاب وتعزيز ما يسمى بفترة الحماية، والتي تضمن أن يتم الدفع للكتاب بشكل عادل إذا كان الوقت الذي يقضيه في إنشاء حلقة تلفزيونية يمتد إلى أكثر من أسبوعين ونصف، حيث تتراوح الصناعة من مسلسل يتألف من 22 حلقة في العام، إلى مسلسل يعرض ثماني حلقات كل 18 شهراً إذا كنت محظوظاً وتتبناك شركات البث.
وتدفع نقابة الكتاب في أميركا أيضاً لمعالجة الانتشار في البث التلفزيوني المتدفق لما يسمى بالغرف الصغيرة (ورشة الكتابة) - طاقم الكتابة أصغر حجماً ونشطاً لمدة أقصر من غرفة الكتاب التقليدية. بطبيعة الحال، فإن الاستوديوهات وشركات البث تكره التخلي عن أي أموال أكثر مما يجب. وهي دائماً ما تشير إلى اضطراب أسعار أسهمها، وانخفاض عائدات شباك التذاكر كدليل على أن الأمور صعبة في كل مكان. لكن السماح لكتاب السيناريو بالحفاظ على حياة مهنية مستقرة هو أذكى استثمار يمكن أن تقوم به الجهات المعنية بهذا القطاع.
بعد كل شيء، فإن خيال الكتاب هو المصدر النهائي للأفلام والعروض التي تدر مليارات الدولارات للشركات الأم. آخر شيء نحتاجه هو أن تصبح السينما والتلفزيون مثل صناعة الموسيقى، مجالاً إبداعياً آخر تعطل بسبب الإنترنت وأموال التكنولوجيا. لا تقتصر معركة نقابة الكتاب في أميركا على إبقاء الكتاب موظفين فحسب، بل تتعلق بالحفاظ على صحة النظام البيئي بأكمله، الذي يجعل صناعتنا تعمل وتحافظ على تدفق الأفلام عالية الجودة والتلفزيون للمشاهدين في جميع أنحاء العالم. إذن، هل يمكن لنقابة الكتاب في أميركا والاستوديوهات وشاشات البث أن تتصالح دون إضراب؟ أم أن مواقفنا لا يمكن التوفيق بينها؟
زاك سينتز*
*كاتب سيناريو
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»