السياسة الأميركية لدعم الأسرة
شهد شهر ديسمبر الماضي نقاشاً حول ما إذا كان سيتم توسيع الائتمان الضريبي للأطفال وكيفية توسيعه، وقد جذب هذا النقاش مزيداً من الاهتمام إلى موضوع آخر: لماذا انخفضت معدلات المواليد في الولايات المتحدة؟
بالنسبة لليمين الأميركي، فإن خط الانقسام حول هذا السؤال غريب بعض الشيء. فعادة ما يركز المحافظون الاجتماعيون على الثقافة، بينما يؤكد المحافظون الليبراليون على الاقتصاد. أما في معدلات المواليد، فتنعكس الاهتمامات.
يميل المحافظون الاجتماعيون إلى التأكيد على الأسباب الاقتصادية للانحدار، قائلين إن ركود الأجور جعل الرجال أقل جاذبية كشركاء زواج وجعل تربية الأطفال أكثر صعوبة. تحدث بليك ماسترز، المرشح «الجمهوري» لمجلس الشيوخ في ولاية أريزونا، والذي لم يحظ بالنجاح، نيابة عن هذا الفصيل عندما قال إن أميركا بحاجة إلى اقتصاد حيث يمكنك مرة أخرى تكوين أسرة اعتماداً على دخل واحد، وإن لم يذكر بالتفصيل كيفية الحصول على هذا الاقتصاد.
يقول المحافظون الأكثر توجهاً نحو السوق، إن تفضيلات الناس قد تغيرت ببساطة. ويلخص سكوت وينشيب، الذي يبحث في الاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية في معهد أميركان إنتربرايز، وجهة النظر هذه: «المزيد من النساء لديهن تطلعات مهنية، ويريد المزيد من الشباب قضاء المزيد من الوقت من دون أطفال، والمزيد من البالغين يفضلون أسلوب حياة أكثر راحة». وإذا كان هذا هو السبب الرئيسي في اعتقادك بأن معدلات المواليد قد انخفض، فلعلك ما تزال تفضل سياسات مثل الائتمان الضريبي للأطفال وسيلة لمساعدة الآباء والحد من فقر الأطفال. لكن تغيير سياسة الحكومة لجعل تكوين الأسرة ميسورَ التكلفة لن يبدو أمراً ملحاً. كل جانب من هذه الحجة الودية لديه نقاط قوة ونقاط ضعف. تكمن صعوبة نظرية ركود الأجور في أن الأجور لم تتجمد في الواقع. حتى عند النظر إلى أجور الرجال فقط، فقد ارتفع متوسط الأجر خلال الثلاثين عاماً الماضية. لم يرتفع بسرعة كما كان في الخمسينيات والستينيات، لكن الاتجاه كان أفضلَ بكثير مما كان عليه في السبعينيات والثمانينيات، عندما انخفض. ولا تتوافق معدلات الزواج والولادة بشكل وثيق مع هذا النمط. وفي الوقت نفسه، فإن الفكرةَ القائلةَ بأن الناس يحصلون فقط على ما يريدون من الحياة تدخل في الكثير من الأبحاث الاستقصائية التي تقول إنهم ليسوا كذلك. عندما تُسأل النساء في الولايات المتحدة عن عدد الأطفال الذين يرغبن في إنجابهم، أو طرح السؤال بشكل مختلف مثل ما هو الحجم المثالي للعائلة، فإن الاتجاه الثابت هو التطوع بعدد أكبر مما ينتهي بهن الأمر.
ربما هناك طريقة للتوفيق بين وجهات النظر هذه بعضها مع البعض الآخر، فلأسباب عديدة، تشمل النمو الاقتصادي وإتاحة الوظائف أمام النساء وتطوير الأسواق المالية الحديثة، نمت تكاليف الفرص البديلة لتربية الأطفال. وفي نظرية الاقتصاد الجزئي، فإن تكلفة الفرصة البديلة هي قيمة اختيار بديل هو أفضل وأقل تكلفة.
وقد يكون من الممكن إلى حد ما، كما يقول وينشيب، أن تؤسس أسرةً بالاستناد إلى دخل واحد إذا كنت على استعداد لقبول مستوى المعيشة في السبعينيات. لكن الفجوةَ في الثروة والدخل بين الزوجين اللذين لديهما ثلاثة أطفال والزوجين اللذين لديهما طفل واحد (أو ليس لديهما طفل على الإطلاق) قد اتسعت بشكل منطقي. هذا بشكل خاص لأنه كلما زاد عدد الأطفال في الأسرة، زاد احتمال خسارة الأم للدخل. قد يكون دخل الأسرة الأميركية المكوّنة من خمسة أفراد اليوم أعلى مما كان عليه قبل 50 عاماً، لكن دخلها النسبي ومكانتها قد تراجعا بكل تأكيد. وسيكون هذا بمثابة تفسير اقتصادي مباشر لجزء من انخفاض معدلات المواليد، وإن لم يكن هو ما يفضله معظم المحافظين الاجتماعيين. لكن حتى لو كان ذلك صحيحا، فإنه لا يشير حقاً إلى ما يجب القيام به. ويمكننا أن نقول إن الحياة مليئة بالمقايضات، وإذا كنتَ تريد مستوى معيشياً قريباً من مستوى أقرانك، فينبغي أن يكون لديك أطفال أقل مما تريد، أو يمكننا القول إن تكلفة الفرصة البديلة أصبحت كبيرةً جداً، ومن ثم فإنه يتعين علينا البحث عن طرق لتقليص هذه التكلفة. لقد أدى الإفراط في التنظيم إلى ارتفاع تكلفة الإسكان، على سبيل المثال، مما قد يتسبب في تأخير تأسيس الأسر وتراجع الرغبة في نموها. وهذا ليس شيئاً يجب أن نقبله كميزة حتمية للحياة الحديثة.
هناك أيضاً مسألة ما إذا كانت تكلفة الحكومة تقع على عاتق الوالدين بشكل كبير. تعتمد البرامج الفيدرالية لرعاية كبار السن من الأميركيين، بصفة خاصة، على الأشخاص الذين يقدمون التضحيات المالية اللازمة لتنشئة الجيل القادم من دافعي الضرائب، لكن لا تدفع للآباء أكثر (أو تفرض ضرائب أقل عليهم) تقديراً لمساهمتهم. ويرقى هيكل هذه البرامج إلى ضريبة ضمنية كبيرة على الآباء.
هذا أيضاً شيء يمكن تغييره، من خلال إصلاح قانون الضرائب أو برامج الاستحقاق. ثم تتقلص الفجوة المالية الإجمالية بين العائلات الأكبر والأصغر. وتتمثل إحدى طرق تحقيق هذا الهدف في توسيع نطاق الائتمان الضريبي للأطفال وجعله ينطبق على جميع الضرائب الفيدرالية.
ولن يخلق أي من هذا حافزاً اقتصادياً كبيراً لدرجة أنه يجعل البالغين يرغبون في إنجاب المزيد من الأطفال. ومع ذلك، فإنه سيسهل عليهم إنجاب عدد الأطفال الذي يريدونه بالفعل.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنيج آند سينديكيشن»