السعودية.. انطلاق «النجوم»
اليوم الوطني السعودي لا يعني الاحتفال فحسب، بل الاحتفاظ بهذا اليوم دوم، كيف؟ ومن أدوات الحفاظ على المكتسبات تأتي القوة الصلبة والتي بدورها تحافظ على القوة الناعمة. ومن هذا المنطلق أقامت البحرية السعودية مؤخراً مراسم استقبال سفينة «جلالة الملك الجبيل» التي تُعد الأحدث عالمياً في طرازها القتالي وهي باكورة مشروع «سفن السروات»، ضمن شراكة سعودية- إسبانية، تشمل تصنيع وبناء 5 قطع بحرية حديثة، وتمتلك قدرات للتعامل مع التهديدات كافة، وتضم أحدث الأنظمة القتالية على متنها ويبلغ طولها 97 متراً وبوزن 2500 طن. لقد أدركت السعودية، بأن قوة الاقتصاد ليس في النفط فقط وإنما بالتنوع الاقتصادي الأقوى والأدوم، ففي هذا المجال، ستستثمر شركة الصناعات العسكرية الأميركية «لوكهيد مارتن» أكثر من مليار دولار في مجال التصنيع في السعودية، حيث تتطلع المملكة إلى استخدام مكانتها القوية كمشترٍ رئيسي للأسلحة للمساعدة في تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط. إن الأموال ستدعم جهود «الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية» و«الشركة السعودية للصناعات العسكرية»، لتعزيز الصناعة المحلية.
وقد أكدت كارين إليوت هاوس، في مقال لها بـ«وول ستريت جورنال» هذا التوجه نقلاً عن وزراء ومستشارين اقتصاديين بالديوان الملكي السعودي، إن المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، تتجه نحو الصين لتنويع الاقتصاد».
ويكفي إلقاء نظرة سريعة على ميزانية الحكومة السعودية للعام 2022، وحتى حلول عام 2030، ونطلق عليه عام «النجوم»، لإدراك موقع المملكة في المستقبل القريب جداً. هذا ما أقر به مجلس الوزراء السعودي: الإنفاق في الميزانية يبلغ 955 مليار ريال، كما تقدر الإيرادات بمبلغ 1045 مليار ريال، وبفائض يصل إلى 90 مليار ريال.
ومن المخطط أن يبلغ الإنفاق الإجمالي في المملكة 27 تريليون ريال عام 2030 شاملاً استثمارات صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص والإنفاق الحكومي والاستهلاك الخاص. نتحدث عن مبالغ فلكية تم رصدها لأقل من عقد قادم. أما الأذرع الاستثمارية، فهي قصة طويلة نلخص بعضاً منها، ففي هذا العام وقعت المملكة 10 اتفاقيات مع أوزبكستان، بقيمة 45 مليار ريال في مجال الاستثمار.
هذا وقد أفادت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بأن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، زاد حيازاته من الأسهم الأميركية إلى 15.4 مليار دولار في الربع الأول من العام الجاري، حيث اشترى الصندوق 2.9 مليون سهم في شركة كوبانج المدعومة من مجموعة سوفت بنك، ويبلغ حجم الصندوق 400 مليار دولار، ومن المتوقع أن يضخ ما لا يقل عن 40 مليار دولار سنوياً في الاقتصاد المحلي حتى 2025.
أما الشركة السعودية المصرية للاستثمار، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي «الصندوق السيادي»، فقد اتفقت على شراء 25 في المئة من أسهم شركة مصر لإنتاج الأسمدة «موبكو». وهذه القوة الاستثمارية وغيرها لا بد وأنها ترفع من سقف التوقعات لكي يصل نمو الناتج المحلي غير النفطي إلى نحو 5%.
صورة مشرقة ليوم وطني سعودي مليء بالمبادرات التي تجعل من المملكة أكثر أماناً في اقتصادها ونموها لصناعة مستقبل يدوم مع استدامة الوطن ومجده.
* كاتب إماراتي