استراتيجية «الجمهوريين»
يعتبر التأييد الذي يحظى به الرئيس جو بايدن أقل من ذلك الذي حصل عليه باراك أوباما أو دونالد ترامب في هذه المرحلة من رئاستهما. إذ شهد كل من سلفيه حزبَه وهو يفقد السيطرةَ على مجلس النواب أثناء عامه الثاني في المنصب.
وعادة ما تكون نتائج انتخابات التجديد النصفي سيئةً بالنسبة للحزب الحاكم، حيث يكون معارضوه قد انتابهم الحزن، ومؤيدوه محبطون في أسوأ الأحوال أو راضون في أحسن الأحوال.
لكن «الديمقراطيين» يواجهون تحدياً إضافياً هذا العام: مسألة تزيد من نقاط ضعفهم. لا شك في أن التضخم هو أهم قضية بالنسبة للناخبين الأميركيين في الوقت الحالي. فقد أظهر استطلاع حديث أجرته صحيفة «واشنطن بوست» وقناة «إيه بي سي نيوز» أن 50% من الناخبين يثقون بـ«الجمهوريين» أكثر من «الديمقراطيين» في التعامل مع هذه المسألة، بينما 31% فقط لديهم ثقة أكبر بـ«الديمقراطيين».
إنها ميزة كبيرة وليست مصادفة. ظل التضخم كامناً لفترة طويلة في الولايات المتحدة: لم تجر قناة «إيه بي سي نيوز» استطلاعاً بشأن الحزب الأكثر ثقةً في التعامل مع المشكلة منذ إدارة جورج بوش الأب، لكن تبين أن «الجمهوريين» كانوا يتمتعون بنفس الميزة تقريباً في ذلك الوقت، أي قبل 30 عاماً من الآن. إذن، فالأمر ربما لا يعني «الديمقراطيون» وحدهم، لأن التضخم كان مرتفعاً أثناء رئاستهم أو حتى لأن بايدن (كما هو الحال مع الاحتياطي الفيدرالي والعديد من الاقتصاديين) قلل بوضوح من المدة التي سيبقى فيها التضخم مرتفعاً.
يمكن فقط أن يكون الجمهور مهيأً للثقة في «الجمهوريين» بشأن هذه القضية، بالطريقة التي يثق بها في «الديمقراطيين»، على سبيل المثال، فيما يتعلق بالرعاية الطبية. يحاول الديمقراطيون بناءَ سمعتهم الخاصة كمحاربين للتضخم، ومن المفترض أن يكون هذا هو السبب الرئيسي لكتابة بايدن مقالَ رأي حول هذا الموضوع في صحيفة «وول ستريت جورنال»، لكنهم يريدون أيضاً حثَّ الناخبين على إعطاء أولوية أكبر لقضايا أخرى أكثر ملاءمة لحزبهم، أهمها الإجهاض وعنف السلاح.
ووجد نفس استطلاع «واشنطن بوست» و«إيه بي سي نيوز» أن الديمقراطيين يتمتعون بميزة بمعدل 10 نقاط فيما يتعلق بالإجهاض، وتشير العديد من استطلاعات الرأي إلى أنهم متفقون مع الرأي العام في السعي إلى وضع تنظيم أكثر صرامة لحيازة السلاح.
ومع ذلك، كانت القوة في كلتا المسألتين في كثير من الأحيان إلى جانب المحافظين. كما يتوق الديمقراطيون أيضاً إلى تركيز حملتهم الانتخابية على الرئيس السابق دونالد ترامب، وجهوده المشينة للبقاء في السلطة بعد خسارته انتخابات 2020.
لكن هذا التكتيك فشل العام الماضي في ولاية فرجينيا، حيث يتمتع ترامب بشعبية أقل مما هو عليه على المستوى الوطني. ويبدو أنه من غير المحتمل أن يدفع الناخبين بشكل أكبر في خريف هذا العام. يمكن للجمهوريين بالطبع أن يحاولوا إثارةَ قضايا أخرى.
لقد ألقَوا باللوم على المدعين العامين التقدميين لارتفاع معدلات جرائم العنف والاضطراب العام، ويعتقدون أن استدعاء سان فرانسيسكو الأخير لمحامي المقاطعة يوضح فاعلية هذه القضية. لقد وضعوا أيضاً الأساسَ لمهاجمة سياسات الهجرة لبايدن إذا ساءت الأوضاع على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك بشكل واضح.
والقضايا التي يريد الجمهوريون تسليط الضوء عليها، مثل التضخم والجريمة والهجرة غير الشرعية.. إلخ، كلها تندمج في قصة أكثر محافَظةً عن الحكومة.. كل واحدة منها تنطوي على فشل من قبل الحكومة في مهمة أساسية: الحفاظ على قيمة العملة، وقمع العنف، وتنظيم الحدود. لذا، فإنها تعزز الشكوك العامة حول كفاءة الحكومة، وبالتالي، حول مقترحات طموحة للتغيير الاجتماعي الموجَّه من الحكومة.
إنها تهدد إحساس الجمهور بالاستقرار والنظام والسيطرة، وهي الأمور ذاتها التي يتخصص السياسيون المحافظون في تقديمها، إذا تمكنوا من تجنب الظهور كمتطرفين بأنفسهم. أمضى الديموقراطيون عدة أشهر في محاولة لسن أجندة «إعادة البناء بشكل أفضل» بخطاب رفيع المستوى حول «فرصة تحدث مرة واحدة في الجيل لسن سياسات تحويلية تنهض بحياة الشعب». لكن مع انزعاج الناخبين بشأن الأسعار في محطات الوقود، يبدو هذا النوع من الحديث مضحكاً الآن. لذلك، يزداد احتمال أن يحتفظ الديمقراطيون بالأغلبية في مجلس النواب.
راميش بونورو*
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»