عن أزمة المناخ اللامتناهية
نتذكر أنه منذ أزيد من سنة ونصف، أدت درجات الحرارة المرتفعة واستمرار موجة الجفاف في أستراليا إلى انتشار موجة حرائق غير مسبوقة في البلاد، وهو ما أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص ونفوق ملايين الحيوانات. وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في ذلك الوقت إن ارتفاع درجات الحرارة عالمياً، وهو السبب الرئيس في هذه الحرائق، يرجع إلى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ومنذ أيام، توفي ستة أشخاص على الأقل في فيضانات نجمت عن أمطار غزيرة غير مسبوقة منذ عقود في شرق أستراليا، لم تتوقف منذ بداية الأسبوع وتتجه جنوباً.. فبعد سنوات من الجفاف والحرائق تفاقمت بسبب التغير المناخي، شهد شرق البلاد رطوبةً استثنائيةً ناجمة عن ظاهرة النينيا المناخية الناجمة بدورها عن خلل حراري في مياه سطح المحيط الهادئ.
وفي قارة أفريقيا، أشارت صحيفة «ذا غارديان» إلى أن القارة تضطر لإنفاق مليارات الدولارات سنوياً في سبيل التعامل مع أزمة المناخ، مما يقلل الاستثمار في مجالات مهمة أخرى ويدفع القارة نحو مزيد من الفقر. وحذّر تقرير علمي من عواقب التغيرات المناخية في العالم، مع انتشار الفيضانات والجفاف وموجات الحر والعواصف التي تؤثر على أنظمة الغذاء وإمدادات المياه والبنية التحتية. وستكون أفريقيا واحدةً من أكثر المناطق تضرراً، رغم أنها لم تفعل سوى القليل للتسبب في أزمة المناخ.
زد على ذلك أن البنك الدولي يحذّر من أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بين أكثر الأماكن على وجه الأرض عرضةً للخطر، نتيجةً لارتفاع منسوب مياه البحر، خاصة المناطق الساحلية المنخفضة. كما توقع البنك أن يتعرض عشرات ملايين البشر في المنطقة لضغط نقص المياه بحلول عام 2025.
ويفاقم الجفافُ في هذه المنطقة مشكلةَ شح المياه، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على موارد المياه الجوفية وإلى انخفاض المحاصيل الزراعية، مما سينعكس على اقتصاد دول المنطقة. وسترتفع الحرارة في العالم بواقع 1.5 درجة مئوية، وستتكرر الموجات الحارة الشديدة كل 10 سنوات، وذلك بسبب الاحتباس الحراري العالمي، كما أن الجفاف وهطول الأمطار الطوفانية سيصبحان أكثر تواتراً كما يحدث في أستراليا.
وهذا الكلام الذي نكتبه ليس من وحي الخيال، إنما هو مسطَّر في تقارير علمية جادة لا غبار عليها، كتقرير الأمم المتحدة للسنة الماضية عن الاحتباس الحراري، وهو ما جعل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تعليقه على هذا التقرير، يقول: «إنه إنذار أحمر للبشرية. أجراس الإنذار تصم الآذان: انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الوقود الأحفوري وإزالة الغابات تخنق كوكبنا». إن النشاطات البشرية هي التي تتسبب في كل هذه المصائب، والعالم لا يتعظ، ولا تنظر الدول إلا إلى مصالحها الخاصة والضيقة.. والمصيبة أن تداعيات أزمة المناخ تصيب دول العالم بأسرها وإن لم تكن طرفاً فيها كما هو شأن دول أفريقيا.