تشهد دائرة القضاء في أبوظبي، تحت قيادة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، رئيس الدائرة، جهوداً لا تعرف التوقف أو الكلل لتحقيق العدالة وإقرارها وفق الهدف الرئيسي الذي وضعته عنواناً لعملها، وهو «قضاء عادل وناجز». 
وانطلاقاً من هذا الهدف الواضح والمحدَّد، تأتي الخطوات والإجراءات التي تتبعها الدائرة واضحة بدورها، وهو ما تجلّت ثماره في صورة سمعة عالمية مرموقة للدائرة، إذ احتلت المركز الأول إقليمياً في مؤشر متوسط الزمن المستغرق في تسوية القضايا، وفق تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي عام 2019، كما أفاد تقرير نتائج مؤشرات الأداء للدائرة عام 2019، بأن معدلات الفصل في الدعاوى خلال الفترات الزمنية المقررة بلغت 95%، مؤكداً بذلك قدرة الدائرة على تحقيق أهدافها الطموحة باقتدار. 
وفي خطوة جديدة على الطريق ذاته، أصدر سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، السبت 19 ديسمبر الجاري، قراراً بإنشاء «محكمة أبوظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية»، لتختص بالنظر في الطلبات والدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية والدعاوى المدنية والإدارية والمنازعات الإيجارية، وذلك استمراراً لنهج إنشاء المحاكم المتخصصة التي تسعى إلى تحقيق المزيد من تطوير الأداء وسرعة الفصل في القضايا، ويُنظر إلى إنشاء المحاكم المتخصصة بوصفه استجابة ضرورية للتطورات المعاصرة التي تتسم فيها بعض أشكال المنازعات القضائية بسمات خاصة، تستلزم محكمة متخصصة في الموضوعات محلّ النزاع، وقادرة على إدراك طبيعتها ودقائقها أكثر من غيرها، وفضلاً عن سرعة البت في القضايا، فإن القضاة المختصين سوف يكتسبون خبرات تتزايد بمرور الوقت في القضايا التي ينظرونها، سواء من حيث طبيعتها أو من حيث الأطر والمبادئ القانونية التي تحكم النظر فيها، وهو ما يرفع من كفاءة النظام القضائي كله.
ولعلَّ هذا القرار يعكس ما تحظى به الأسرة والحفاظ عليها من أهمية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد عبَّر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، عن المكانة التي تتبوّؤُها الأسرة في فكر القيادة بقوله: إن «هدفنا أن نكون من أفضل الدول في العالم لن يتحقق إلا بتماسك نواة المجتمع وهي الأسرة». ويتجلى هذا الاهتمام في اعتماد مجموعة خطط ومبادرات تضع تماسك الأسرة وسعادتها وتوفير متطلباتها المادية والمعنوية ضمن أهم الأهداف التي تسعى إليها. ويمكن أن نجد نموذجاً جليّاً لذلك في «الميثاق الوطني 2021»، الذي جاء فيه: «تشكِّل الأسر المتماسكة والمزدهرة نواة مجتمع دولة الإمارات، وتتبنى القيم العائلية الأصيلة للزواج، وتحافظ على صِلات رحم قوية، إضافة إلى تمكين المرأة، والإبقاء على علاقات وطيدة بين أفراد الأسرة».
وإنشاء محكمة خاصة بالأسرة إنما يغطي جانباً مهمّاً وأساسيّاً، وهو الجانب القانوني الذي تزداد أهمية دوره في ظلّ التطورات المجتمعية المتسارعة، والتحولات العميقة التي تشهدها منظومة العلاقات الاجتماعية. ولا شك أن المحكمة المتخصصة ستكون أقدر على استلهام القيم الدينية والتقاليد المجتمعية والوطنية لتكون إطاراً لعملها القانوني وجهودها في احتواء المشكلات والنزاعات الأسرية بناء على فهمٍ أوضح لطبيعة التحديات، التي تواجهها الأسرة الإماراتية تبعاً لخصوصية معطياتها الاجتماعية والفكرية والاقتصادية الراهنة، وهو ما يقدِّم بدوره رؤى لتجفيف منابع هذه النزاعات ومعالجة أسبابها في ظل اهتمام الدولة وقيادتها الرشيدة بهذا الملف الحيوي. 
ويصدق الحكم السابق كذلك على الطلبات والدعاوى المدنية والإدارية والمنازعات الإيجارية، إذ ستكون هناك فرصة أكبر لسرعة الفصل في هذه القضايا، وإصدار أحكام أكثر تحقيقاً للعدالة المبتغاة، ولا سيما في ظلِّ حرص دائرة القضاء على التوسع في الاستفادة من التقنيات الحديثة، وتيسير الوصول إلى الخدمات القضائية، لتُرسِّخ دولة الإمارات بذلك مكانتها العالمية، بوصفها دولة العدالة التي يَحمي فيها نظامٌ قضائي عادل ومتطور حقوقَ كل من يعيشون على أرضها.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية