تدرك دولة الإمارات العربية المتحدة الأهمية الجوهرية لدور الموارد البشرية في عملية التنمية، ومن ثم فهي تعمل بشكل مستمر من خلال برامج متعددة ومبادرات متتالية على تنمية رأس المال البشري والارتقاء به وتطوير هذه الموارد وإكسابها المزيد من المهارات، حتى تكون قادرة على التأقلم مع المتغيرات الجديدة وما يتطلبه سوق العمل الذي يتميز خلال الفترة الحالية بتغير سريع؛ لجهة ما يطلبه من مهارات وكفاءات نوعية جديدة في ظل مخرجات الثورة الصناعية الرابعة. وتكمن وراء هذا الإدراك حقيقة مركزية، مفادها أنه لا تنمية من دون موارد بشرية، أو بتعبير أدق ثروة بشرية.
وفي ظل هذا الإيمان الراسخ بأهمية العنصر البشري، الذي يمثل بالفعل ثروة نادرة، وهو يمثل في نهاية المطاف هدف أي عملية تنمية، وتقدير قيمة الكفاءات البشرية وإتاحة كل الفرص لها لتقدم أفضل ما لديها، باتت دولة الإمارات العربية المتحدة أرض الفرص الواعدة بالنسبة إلى الباحثين عن مستقبل أفضل وحياة كريمة، وتمثل دولة الإمارات أرض الأحلام بالنسبة إلى شباب العرب، والبلد المفضل للعيش فيه، كما تؤكد ذلك العديد من استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الفترة الأخيرة، الأمر الذي يؤكد بالفعل نجاح النموذج التنموي للدولة.
وتحرص دولة الإمارات على استقطاب أصحاب الكفاءات لكي ينتقلوا للعيش فيها، وتقدم الكثير من الفرص والتسهيلات لهم ليبقوا فيها، وفي هذا الإطار جاء إعلان مجلس الوزراء اعتماد تغييرات رئيسية في نظام الإقامة الذهبية للمقيمين، التي تُمنح لعشر سنوات لأصحاب المواهب التخصصية والباحثين في مجالات العلوم والمعرفة من أطباء ومتخصصين وعلماء ومخترعين ومبدعين وطلبة، وتهدف إلى خلق بيئة مشجعة على الاستثمار والإبداع. وقد انطوت هذه التغييرات على تضمين فئات جديدة لمستحقي هذا النوع من الإقامة، وذلك ابتداء من مطلع ديسمبر المقبل. وتتمثل هذه الفئات في جميع الحاصلين على شهادات الدكتوراه، والأطباء كافة، والمهندسين في مجالات هندسة الكمبيوتر والإلكترونيات والبرمجة والكهرباء والتكنولوجيا الحيوية، ومتفوقي الجامعات المعتمدة بالدولة بمعدل 3.8 أو أكثر، كما سيتم وفقاً للتغييرات المذكورة منح الإقامة الذهبية للحاصلين على شهادات تخصصية في الذكاء الاصطناعي أو البيانات الضخمة أو علم الأوبئة والفيروسات، بالإضافة إلى أوائل الثانوية العامة في الدولة مع أسرهم. وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أن هذه دفعة أولى ستتبعها دفعات، مؤكداً رغبة دولة الإمارات في أن تبقى هذه العقول والمواهب في الدولة لتسهم في مسيرة التنمية والإنجازات.
ومما لا شك فيه أن هذه التغييرات في نظام الإقامة الذهبية سوف توفر فرصاً كبيرة للاستفادة من الخبرات الأكاديمية من أصحاب الكفاءات المقيمين داخل الدولة، حيث تزخر الإمارات بعدد هائل من أصحاب العقول المتميزة من حملة شهادات الدكتوراه، وهو ما ستكون له انعكاسات إيجابية كبيرة؛ لجهة مساهمة هذه الخبرات في تطوير منظومة العمل في المؤسسات المختلفة والارتقاء به وتعزيز عملية التنمية الشاملة في البلاد من خلال استقطاب واحتضان العقول والكفاءات النادرة. كما أن هذه التغييرات تندرج في إطار جهود حكومة الإمارات المتواصلة لخلق بيئة أكثر جاذبية ومشجعة على نمو ونجاح الأعمال للمستثمرين والمبدعين ورجال الأعمال والموهوبين، ودعم التنوع والنمو الاقتصادي واستقطاب المواهب الاستثنائية ليكونوا شركاء دائمين في مسيرة التنمية في دولة الإمارات.
وفي الواقع، فإن دولة الإمارات لم تحظ بهذه المكانة المميزة كوجهة رئيسية لاستقطاب أصحاب العقول والمواهب المتميزة الساعين للحصول على فرص حياة أفضل، من فراغ، فالإمارات نموذج فريد للتسامح والتعايش والانفتاح وقبول الآخر، وهي صاحبة تجربة تنموية متميزة تستهدف تحقيق السعادة والرضا العام لكل من يعيش على أرضها، وتسودها ثقافة التكريم والتقدير لأصحاب الإنجازات والمساهمات البارزة، وهي تقدم بيئة عمل محفزة وتنافسية، ومن ثم ستظل دولة الإمارات جاذبة للمواهب والكفاءات وحاضنة لهما، وهي تعمل بشكل مستمر على توفير بيئة أفضل لهم لكي يقدموا أحسن ما لديهم.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية