تجمع رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي» ورئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، وكلاهما زعيمان وطنيان، علاقة قوية. ومؤخراً، أطلقت حملة ترامب مقطع فيديو انتخابياً يظهر فيه رئيس الوزراء ناريندرا مودي. تضمن الفيديو الموجه إلى الناخبين الهنود الأميركيين، وكثير منهم مؤيدون لمودي، لقطات من مسيراتهما العامة المشتركة في أحمد آباد هذا العام وفي هيوستن العام الماضي، حيث صعد الزعيمان معاً إلى المنصة وكانا مسرفين في الإشادة ببعضهما البعض.
على الرغم من أن الحكومة الهندية رفضت التعليق على الفيديو قائلة إنها ليس لديها ما تقوله بشأن ما هو في الأساس مسألة داخلية، فإن استخدام مودي في مواد الحملة أظهر مدى تأثيره على المجتمع الأميركي من أصل هندي وأهمية هذا المجتمع الصغير والمؤثر في انتخابات نوفمبر المقبلة لاختيار الرئيس الجديد للولايات المتحدة.
يشكل الأميركيون الهنود 2.5 مليون من السكان، بنسبة 1 في المئة فقط. لكنهم يمثلون كتلة قوية ومؤثرة ويعيشون في ثماني ولايات مختلفة حيث سيحدثون فرقاً. كما أنهم أيضاً مجموعة ذات دخل مرتفع مما يمنحهم جاذبية كمانحين محتملين للحملات السياسية. هذا هو السبب وراء قيام كل من «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» بتقديم عرض مباشر للأميركيين الهنود للحصول على أصواتهم في الانتخابات المقبلة، وقاموا بتكثيف تواصلهم مع هذا المجتمع.
عادةً ما كان الأميركيون الهنود يؤيدون «الديمقراطيين»، لكن الرئيس دونالد ترامب يأمل أن يساعده تواصله مع الهند وعلاقاته مع مودي، الذي يحظى بشعبية كبيرة بين الهنود الذين يعيشون في أميركا، على كسب أصوات من هذا المجتمع. وقد سلط ترامب الضوء مراراً وتكراراً على العلاقة الوثيقة التي طورها مع الأميركيين الهنود ورئيس الوزراء ناريندرا مودي، مشدداً على الجهود التي بذلها لضمان تطور علاقة قوية مع الهند.
لقد كان يُنظر إلى المسيرات المشتركة بين الزعيمين في هيوستن وأحمد أباد على أنها محاولة من الرئيس ترامب لجذب الجالية الهندية الأميركية. ويبدو أن هذه الاستراتيجية أعطته بعض المكاسب. في بعض الولايات الأميركية، خلص بحث حديث إلى أن الأميركيين الهنود، الذين يدعمون تقليدياً «الديمقراطيين»، يبدو أنهم يضعون ثقلهم وراء الحزب «الجمهوري» فقط بسبب صداقة «مودي» وترامب.
ومع ذلك، فقد كثف «الديمقراطيون» أيضاً جهودهم لجذب الجالية الأميركية الهندية. فقد اختاروا «كامالا هاريس» لمنصب نائب الرئيس. وسيكون لها تأثير بلا شك لأن كامالا هاريس من أصل هندي من جهة والدتها، لذا فقد أثار ترشيحها اهتماماً كبيراً في الهند وأيضاً داخل مجتمع الأميركيين الهنود. وضربت كامالا على وتر حساس عندما أشارت بفخر إلى أصولها الهندية عند قبولها لترشيح الحزب «الديمقراطي» لمنصب نائب الرئيس، واعترفت بوالدتها وخالاتها الذين ولدوا في التاميل باللغة التاميلية. وتحدثت عن جذورها الهندية ووالدتها من أصل التاميل «شيامالا جوبالان» التي غادرت الهند في سن التاسعة عشرة متوجهة إلى الولايات المتحدة لتصبح باحثة في مجال أمراض السرطان.
لقد أثارت الجذور الهندية للمرشحة «الديمقراطية» لمنصب نائب الرئيس الكثير من الفضول والتغطية الإعلامية في كل من الهند والولايات المتحدة. فعضوة مجلس الشيوخ البالغة من العمر 55 عاماً هي أول امرأة سمراء وأميركية من أصل هندي تترشح لمنصب نائب الرئيس. كان والدها «دونالد هاريس» طالباً من جامايكا، وذهب لتدريس الاقتصاد في جامعة ستانفورد.
ومع ذلك، فقد ظهرت العلاقات مع الهند بقوة في الانتخابات الرئاسية الأميركية هذه المرة. في عيد استقلال الهند الموافق 15 أغسطس، ألقى كل من المرشح الديمقراطي للرئاسة «جو بايدن» و«كامالا هاريس» خطاباً مصوراً أمام حدث أميركي هندي. حتى أن الحملة أصدرت ورقة سياسة للأميركيين الهنود. وتحدث جو بايدن في خطابه عن «علاقة خاصة» مع الهند وتعهد بمواصلة «الوقوف مع الهند في مواجهة التهديدات التي تواجهها في منطقتها وعلى طول حدودها».
تتمتع العلاقات بين الهند والولايات المتحدة بدعم من الحزبين في الهند. وحافظت العلاقات على هذا المسار خلال ولاية الرئيس السابق باراك أوباما على الرغم من أن مستوى ارتياح نيودلهي مع «الجمهوريين» كان معروفاً أنه أعلى. ومع ذلك، يبقى أن نرى كيف تصوت الجالية الأميركية الهندية وما إذا كانت ستدعم ترامب الذي اتخذ أيضاً موقفاً قوياً ضد الهجرة حتى في الوقت الذي يتودد فيه إلى الجالية الأميركية الهندية.
*مدير مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي