يقول معالي العلامة عبدالله بن بيه، رئيس المجلس العلمي الأعلى لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي: «إن المواطنة لم تكن على مرّ الأعصار واختلاف الأقطار على وزنٍ واحد في حقيقتها أو مقوماتها. والأصوب أن نتحدث عن مواطنات تتسع أو تضيق بحسب السياقات».
ويضيف معاليه: «إن المواطنة رباط أو رابطة معقودة في أفق وطني، تتسامى على الفئوية والقبلية، لكنها لا تلغيها بالضرورة، إنما المطلوب أن تتواءم معها وتتعايش معها تعايشاً سعيداً. وإن المواطنة مفهوم موسوم بالتوسع، توسّع دوائر المعيارية المتضمنة فيه، وبارتفاع سقف الطموحات في الحقوق والواجبات، ولكل وضعٍ تاريخي دوائر من المقبولية والمطلبية تتسع أو تضيق».
تصدّرت تلك العبارات لمعاليه المنشور الخاص بمؤتمر «المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك»، الذي انطلق أمس ونظّمته جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية.
المؤتمر، الذي يختتم اليوم، السادس عشر من أبريل، في فندق سانت ريجيس على كورنيش أبوظبي، شهد مشاركة كبيرة.
وجاء تنظيمه في إطار المبادرات المجتمعية للجامعة، وضمن «دورها في تعزيز البناء الحضاري والفكري والفلسفي للإمارات».
تضمن المؤتمر جلسات عدّة، ناقشت العديد من أوراق العمل المقدمة، التي لامست القضايا المطروحة حول مسائل المواطنة والهوية الوطنية. كما عرض عدد من ضيوف المؤتمر تجاربهم ورؤاهم حول هذه القضايا، مركّزين على إبراز قيم التراحم، والتضامن المجتمعي، والسلام، والتنمية المستدامة للقيم، وغيرها من المقاربات التي تعزز الوعي بأهمية تلك القيم.
لقد أولت الإمارات اهتماماً مبكراً بقضايا المواطنة والهوية الوطنية، وسعت إلى رفع وعي مختلف شرائح المجتمع بها، بصورة ترتقي ليس فقط إلى مستوى التحديات الآنية، بل والمستقبلية أيضاً، من خلال فكرٍ استباقي يدحض طروحات ضيقي الأفق ممن يستغلون ديننا الحنيف وما جُبلت عليه مجتمعاتنا من انفتاح على الآخر وحسن التعايش، لبث مفاهيم وممارسات بعيدة كل البعد عن ثقافتنا، وتلتقي في المحصلة الأخيرة مع الأفكار المنحرفة والأصوات النشاز، وتخدم ما تقود إليه من إقصاء وغلو وتطرّف وممارسات إرهابية عانت منها ولا تزال تعاني منها العديد من المجتمعات العربية والإسلامية وغيرها.
كل الشكر للمتحدثين والمشاركين في المؤتمر، ولجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وهي تمضي قُدُماً في ترسيخ مكانتها في المجتمع، والانتقال برسالتها الفكرية والأكاديمية إلى فضاءات إقليمية ودولية، وتعزيز مجالات الدراسات خدمةً للبشرية وبناء مجتمعات مزدهرة تقوم على التسامح والعيش المشترك.