بعضهم يجد صعوبة في فتح نافذة ابتسامته في وجه أخيه، وبعضهم يشعر وكأنه يصعد الجبل عندما يتحامل على نفسه ويفتح الباب لنافذة محبوسه منذ زمن عاد، وثمود. ولأن الابتسامة هي مشروع ناجح لبناء علاقة سوية مع الآخر، وهي عرض لافت لصياغة حلم البقاء على الأرض من دون وعكات صحية، ولا أغراض مرضية، ولكن مثل هذه الوثبات تلقى معارضة شديدة المراس لدى بعض من يرون في الابتسامة تخلياً عن قوة الشخصية، أو ضعفاً في الموقف، أو عدم ضرورة لإسعاد الغير، طالما هو يشعر بالسعادة لمجرد أنه يقطب في وجه الآخر.
اليوم أثبتت الدراسات النفسية أن الابتسامة ليست انشراحة صدر للغير، فحسب، بل هي وسيلة ناجحة في تنظيف الداخل للفرد المبتسم، لأن الابتسامة تطرد الغبار الداخلي، وتمحق جذور الأنا المتضخمة، والتي هي سبب رئيس في غياب الابتسامة، وهي جوهر المحنة البشرية، وهي محور الصدام بين الكواكب البشرية على الأرض. 
في الإمارات أصبحت الابتسامة منهجاً، وسلوكاً، تتطلبه المرحلة، وتحث عليه قيادة الوطن، لأنها وجدت أن ابتسامة الموظف في مكان العمل في وجه المتعامل، توصد أبواب القنوط لدى المتعاملين، وتفتح أبواب الثقة في نفوسهم، كما أن ابتسامة الطبيب في وجه المريض نصف العلاج، وابتسامة لحظة من مدرس الفصل في وجه تلميذه، لهي أفضل من شرح الدرس لمدة تزيد على ساعة، وابتسامة ربة البيت أمام العاملة، هي الطريق لاستتباب نفس هذه المغتربة عن بيت وأبناء، وأهل، مما يجعلها تتفانى، وتبذل كل ما بوسعها لإتمام عملها في المنزل، والحفاظ على ممتلكاته، وصيانة العهد، والوعد، فلا تسمع في المطبخ صوت الأطباق وهي تتصادم ببعضها، في شجار عصبي جبان، فقط لأن العاملة، ليست على ما يرام، ولأن ربة البيت وضعت رجلاً على رجل وراحت تطلق الأوامر بعنجهية، وصلف، وعجرفة، والسباب يخرج من فمها مثل سم الأفاعي ولا رادع، ولا وازع يمنع كل هذا الغضب.
في الإمارات صارت الابتسامة في الوعي المجتمعي، طريقة حياة، وأسلوب نجاة من الانهيار الأخلاقي، الأمر الذي جعل بلادنا مهبطاً لطيور الاغتراب، تأتي محملة بالحب لهذا البلد الذي كرم الحب بالحب، وفتح الكفوف، والأفئدة للناس أجمعين، ولكل من يحب الحياة من دون تجاعيد جبين ولا تلافيف محتقنة في الصدر.
في الإمارات تسير الحياة مثل الماء يعبر عروق الأشجار، مثل الهوى يتسرب بين ضلوع العاشقين، مثل الشعر في ضمير الشعراء، مثل الأغنيات على وقع قيثارة النهار الممطر. الابتسامة في الإمارات شيدت لها موئلاً، من شفافية، وعفوية، واستراحت تنشد النسيم العليل، وتكتب للعشاق سر طول العمر، وازدهار بساتين الفرح. في الإمارات كل شيء يسير على نغمات ابتسامة مشرقة، على محيا كاللجين.