من خلف المرتفعات الجبلية تشرق الشمس على بحر دبا، لؤلؤة الساحل الشرقي، تأتي الطيور من كل مكان لتزين البحر، تتعرج الشواطئ تحت أقدام الجبال، مساحة بين هذه المرتفعات والساحل، أشجار نخيل ومزارع تشكل حزاماً فاصلاً بين البحر والجبل.. تنهض المساكن والمباني لتشكل لوحة جميلة، في توحد فريد بين ثلاث صور بديعة، الجبل والنخيل والبحر... وحده البحر يسرق المشهد الجميل، ومنذ أزمنة بعيدة جداً، وربما منذ فجر التاريخ، بالتأكيد عندما وصل مرسال ومندوب المهلب بن أبي صفرة إلى دبا القديمة، والعظيمة في تاريخها البعيد، ربما وقف أمام روعة مشهد البحر والساحل والجبل، وصوره الفريدة والرائعة التي تشكل أروع المناظر الطبيعية، وربما وقف طويلاً أمام تلك الصخرة التي تظهر من البحر، لتكون تاجاً أو فص خاتم من عقيق لساحل دبا الجميلة.
الآن يأتي المساء، نحط رحالنا في فندق صغير أمام المكان/ الصخرة الذي أعشقه، لقد كنت هنا في دبا وساحلها الحالم الجميل، وفي هذا الفندق، قبل ثلاث عشرة سنة مضت، حيث نزلت به. هنا يتعانق البحر والشاطئ والصخرة الفريدة، والتي نبتت أمام الفندق في البحر، والتي تقدم صورة جميلة وبديعة للتكوينات الطبيعية والجيولوجية، مسافة قصيرة بين رمل الساحل وتلك الصخرة، بالإمكان قطع المسافة سباحة، إن شئت. يحيط بهذا المكان نخيل الزينة وأزهار وأشجار جميلة. بعد أن يأتي المساء الجميل الهادئ ويأخذ في رحلته القمر والنجوم والموسيقى التي تزين مساء المكان الحالم البديع، يأتي الصباح الزاهي بثوب فرحة يوم جديد في الحياة، وجديد لهذه الرحلة ومحطة الاستراحة القصيرة من جري الأيام والانشغالات التي لا تنتهي.
في دبا تشرق الشمس من خلف الجبال، تتسلل مثل نسمة باردة، توقظ نوم الأشجار والزهور لتتفتح وتزين المكان، الأمواج الخفيفة التي تأتي من صخرة دبا البديعة، تصل إلى الشاطئ بهدوء عجيب، تغرد العصافير فوق نخيل الزينة التي حولت حديقة ومساحة الفندق الصغير إلى باحة رائعة تحيط بها الأزهار. البحر ينادي لأروع فترة للسباحة، لم نستطع مقاومة تجربة العوم والسباحة ونداء الصخرة، إنها فرصة ربما لا تأتي مرة أخرى إلا بعد زمن طويل. لم نضيع هذه اللحظات الجميلة، أنا وصاحبي، أسرعنا بتجربة السباحة على الرغم من برودة البحر.
دبا مكان رائع وبديع في الإمارات، منطقة تجمع بين جمال الشواطئ وزينة الجبال والبحر. كان هذا البحر الذي يشبه العقيق والمرمر والأحجار الثمينة في صفاء الماء والهدوء، وأيضاً هو مصدر الحياة والوجود، وهو من أسس الحياة في ساحل دبا كلها وبمناطقها المختلفة، امتداد بعيد وعميق منذ فجر التاريخ وإلى لا نهاية. كم هي جميلة الأماكن السياحية في الإمارات! هذا التنوع وهذه المناطق مختلفة البيئات تزين هذا البلد الجميل. لا تودع دبا قبل أن تأخذ صورة تذكارية أمام صخرة دبا وبحرها وسواحلها والجبل.