لا أعرف لماذا يبدو الرئيس دونالد ترامب والحزب الجمهوري – الذي يسيطر على البيت الأبيض ومجلس الشيوخ ومجلس النواب – جد مستعدين لإغلاق الحكومة. ربما يعتقدون أن ذلك سيفيدهم سياسياً، وربما يعتقدون أن الفوضى التي سيخلّفها إغلاق الحكومة ستمثل مصدر إلهاء مرحباً به يصرف الأنظار قليلاً عن التحقيق المتواصل بخصوص روسيا الذي يجريه المحقق روبرت مويلر. وأياً تكن دوافع القيادة الجمهورية، فإن الشيء الواضح هو أن إغلاق الحكومة سيكون كارثياً بالنسبة للشعب الأميركي. ذلك أن من شأن إغلاق حكومي أن يضر بعشرات الملايين من عائلات الطبقة العاملة التي ستصبح غير قادرة على الوصول إلى خدمات حيوية. كما من شأنه أن يتسبب في اضطراب لحيوات آلاف الموظفين الفيدراليين الذين لن يتلقوا الرواتب التي ينتظرونها. ومن شأنه أيضاً أن يعرّض للخطر أفراد الجيش الأميركي الذين يفدون هذا الوطن بأرواحهم دفاعاً عنه. إن لدى الكونجرس مسؤولية تجاه الشعب الأميركي لتجنب إغلاق الحكومة والتعاون مع الحزب «الديمقراطي» من أجل التوصل لاتفاق منصف بخصوص الميزانية، اتفاق يعالج المشاكل الخطيرة جداً التي تواجه الأشخاص العاملين في بلدنا. ولكن زعيم الأغلبية «الجمهورية» في مجلس الشيوخ «ميتش ماكونل»، للأسف، زاد من التهديدات بإغلاق حكومي عبر تشديده على إنهاء الاتفاق الطويل بين الحزبين بشأن المساواة في الإنفاق على الأغراض الدفاعية وغير الدفاعية. والحال أن مبدأ المساواة هذا يُعتبر مهماً للغاية بالنسبة للعائلات العاملة وشيئاً لا ينبغي إنهاؤه. وإذا لم نحرك ساكناً، فإن تمويل التعليم، ورعاية الأطفال، والرعاية الصحية، والمساعدة الغذائية، والسكن الرخيص، وغيرها من البرامج الداخلية المهمة، ستصبح في أدنى مستوى لها منذ 40 عاما كنسبة مئوية من اقتصادنا. وفي وقت تواصل فيه الطبقة الوسطى الانكماش والتقلص، فإن من شأن خفض للإنفاق على الأغراض غير الدفاعية أن يتسبب في معاناة اقتصادية أكبر للعائلات العاملة، وكبار السن، والأطفال، والمرضى، والفئات الأكثر هشاشة. وبالمقابل، وبينما يطالب فيه ترامب والجمهوريون بزيادة ضخمة جداً في الإنفاق العسكري على مدى العامين المقبلين قدرها 100 مليار دولار، أُعفيت وزارة الدفاع من تقليص الميزانية خلال السنوات القليلة الماضية بسبب ثغرة «عمليات الطوارئ الخارجية» – وهي حساب خاص لا يخضع لسقف معين في الإنفاق أنشأه الكونجرس في 2011. وفضلاً عن ذلك، قام ترامب بصب مزيد من الزيت على النار عندما قرر استعمال 800 ألف «حالم» (الشبان الذين قدموا إلى الولايات المتحدة أطفالاً بشكل غير قانوني) كورقة مساومة في مقابل جدار بقيمة 18 مليار دولار لا ترغب فيه الأغلبية الساحقة من الأميركيين. هؤلاء «الحالمون» هم شبان عاشوا في هذا البلد كل حيواتهم تقريباً. إنهم يذهبون إلى المدرسة، ويعملون، ويخدمون في الجيش. والولايات المتحدة هي وطنهم، لأنهم لا يعرفون وطناً آخر غيرها. وبالتالي، فإن يسمح ترامب والقيادةُ «الجمهورية» لوضعهم القانوني بالانقضاء، وتعريضهم للترحيل، من شأنه أن يكون أحد أقسى الأعمال في التاريخ الأميركي الحديث. ويجب ألا نسمح بحدوثه. لقد ضاق الشعب الأميركي ذرعاً بحكومة تحمي مصالح الأغنياء والنافذين، بينما تتجاهل احتياجات الفئات الضعيفة والهشة. ولهذا، يجب على الحكومة الأميركية أن تقوم بما هو أكثر من توفير تخفيضات أو إعفاءات ضريبية ضخمة للمليارديرات، وترحيل شبان بكل قسوة وعدم رحمة، وزيادة الإنفاق العسكري بشكل كبير جداً، وإنكار حقيقة تغير المناخ، والتهديد بتقليص «الضمان الاجتماعي» و«ميدي-كير» و«ميديك-إيد» والتعليم وبرامج التغذية. علينا تمرير اتفاق ميزانية يعالج احتياجات الأميركيين، وليس فقط احتياجات الأغنياء الذين يتبرعون بأموال للحملات الانتخابية. بيرني ساندرز سيناتور أميركي من ولاية فيرمونت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»