قرار «أبناء المواطنات».. والرسائل الست
نعم هو قرار تاريخي يُشكل منعطفاً استراتيجياً في واقع ومستقبل الرياضة في الإمارات العربية المتحدة، عندما وجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله، بالسماح لأبناء المواطنات وحاملي الجوازات التي خلاصات قيدها تحت الإجراء، إضافة إلى مواليد الدولة، بالمشاركة في المسابقات الرياضية الرسمية التي تُقام في الدولة، وعدم اشتراط الجنسية لمشاركتهم في هذه المسابقات. ويؤكد هذا القرار توجه قيادتنا الرشيدة نحو أفضل تطبيق لاستراتيجيتها لتطوير ودعم الحركة والأنشطة الرياضية المختلفة، والاستفادة من مختلف الكفاءات والمواهب من الرياضيين في الدولة، وتفعيل مشاركتهم في الأنشطة والفعاليات والمسابقات الرسمية التي تُقام داخل الإمارات وخارجها.
ومما لا شك فيه أن هذه الإجراءات ستدعم الحركة الرياضية في مختلف الأندية والألعاب، وتتيح الفرصة للمؤسسات الرياضية المختلفة لاستقطاب أفضل العناصر، والاستفادة من الكفاءات والمواهب مما سينعكس على تطوير مسيرة الحركة الرياضية، والارتقاء بكل عناصرها، وتحقيق الإنجازات في شتى المجالات. ويجب ألا نغفل ضرورة تحلي كل من يمثل الدولة في المحافل الرياضية بالموهبة والقدرة والانضباط، إضافة إلى حسن الخلق والسيرة الدراسية والمسلكية السليمة.
وفي الوقت الذي يأتي قرار السماح لأبناء المواطنات بالمشاركة في مختلف المسابقات الرياضية استكمالاً لمسيرة الدولة في دمج هذه الشريحة في نسيج المجتمع الإماراتي وفي القطاعات كافة، يجب ألا نغفل أنه لم يكن الأول؛ إذ سبقه قرارات وتوجيهات عدة من قيادة دولة الإمارات تستهدف منح هذه الفئة الفرصة للانخراط في مختلف الأنشطة والفعاليات والبرامج الوطنية، كما هو الحال مع حاملي جوازات وجنسية الدولة. فعلى سبيل المثال، كانت هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية قد أعلنت قبل فترة قبول طلبات التحاق فئة الابن الوحيد من مواطني الدولة، وفئة أبناء وبنات المواطنات بشكل اختياري إلى صفوف الخدمة الوطنية. ويأتي ذلك ترجمة عملية لتوجيهات القيادة، نظراً للإقبال الواسع الذي تم التماسه من تجاوب أبناء الإمارات مع قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية بكل فخر واعتزاز، ودون أي تردد في تقديم الغالي والنفيس لأجل وطنهم. ومن جانب آخر، كانت وزارة التربية والتعليم قد أعلنت قبل سنوات أيضاً البدء في قبول جميع طلبات أبناء المواطنات في جميع مؤسسات التعليم العالي الحكومية الثلاث (جامعة الإمارات وجامعة زايد وكليات التقنية العليا)، وذلك بعد أن كان الأمر مقتصراً على جامعة الإمارات فقط. والمثال الثالث كان قرار «أدنوك» ممثلة في «المعهد البترولي» عن فتح باب تقديم طلبات الالتحاق للطلبة أبناء المواطنات الراغبين في الالتحاق للدراسة بالمعهد، ثم إتاحة الفرصة لاحقاً للعمل في مختلف شركات النفط والغاز.
تأتي كافة تلك القرارات والتوجيهات، وغيرها الكثير، حرصاً من قيادة دولة الإمارات على توجيه عدة رسائل في وقت واحد. الرسالة الأولى تتمثل في أن أرض دولة الإمارات التي استقبلت مواليد المواطنات تتسع أيضاً لهم لكي ينخرطوا في كافة مجالات الدراسة وقطاعات العمل للمساهمة في مسيرة التنمية والبناء. الرسالة الثانية لهؤلاء المواطنات اللواتي يحملن جنسية الدولة ولكن يواجهن صعوبات جمة في دمج أبنائهن في مؤسسات التعليم أو سوق العمل، وهنا تأتي توجيهات رئيس الدولة دوماً بالوقوف بجانبهن وتسهيل كافة أمور الحياة الكريمة لهن ولأبنائهن. والرسالة الثالثة موجهة لدول العالم بأن الإمارات هي نسيج اجتماعي واحد وكل لا يتجزأ ولا توجد نظرة تفرقة بين أبناء أبوين مواطنين ونظرائهم من أبناء المواطنات اللواتي تزوجن بغير المواطنين. والرسالة الرابعة هي نشر السعادة بين كافة شرائح مجتمع الإمارات والرسالة الخامسة تتيح بموجبها لكافة مؤسسات الدولة الاستفادة من قدرات ومواهب أبناء الوطن بمن فيهم أبناء المواطنات. والرسالة السادسة والأهم هي أن الوطن للجميع وأرواحنا فداء لترابه.
د.عبدالله محمد الشيبة*
*باحث إماراتي