نصائح للرئيس ترامب
عزيزي السيد الرئيس.. أعرف أن أسبوعك الأول في المنصب كان صعباً. وآمل أن يمضي أسبوعك الثاني والأسابيع التالية على نحو أفضل. وسمعت أنك رجل واعٍ بالتاريخ، لذلك أود أن أقدم لك بعض النصائح. فمن المصادفات أن أسبوعك الثاني في المنصب يتضمن ثلاث مناسبات قد تجد فيها بعض الدروس القيمة.
وأول هذه المناسبات: في 29 يناير عام 1917، أي قبل 100 عام، أعلن وزير الدفاع آنذاك «نيوتن بيكر» أن القوات الأميركية بقيادة الجنرال جون بيرشينج في سبيلها للانسحاب من المكسيك. وكان الرئيس ويلسون قد أرسل الجيش ليعبر الحدود ويطارد «بانشو فيلا»، الذي أغار ضد بلدة على الحدود الأميركية وأعدم عمالاً أميركيين. وكان الشعب الأميركي غاضباً وتعين على ويلسون التحرك. إني متأكد من دراية بهذا يا سيادة الرئيس. ومن المهم للغاية أن نمعن النظر في القرارات الكبيرة. والقيام بشيء ما لمجرد أننا قادرون على القول إننا سنفعل شيئاً، عادة ما تكون فكرة سيئة. وإني متأكد أن ذلك لم يجْد ويلسون نفعاً. فقد بلغ عدد أفراد حملة بيرشينج في نهاية المطاف 12 ألف جندي، وفرح الأميركيون بدايةً، لكن الخسائر البشرية والمادية كانت كبيرة. ولم تفلح القوات الأميركية في إلقاء القبض على «فيلا». والحملة جعلت المكسيكيين غاضبين للغاية. فكما تعلم أيها الرئيس، فذلك غزو لأرض ذات سيادة، وهناك قوة استعمارية في الشمال وأشياء من هذا القبيل. وأخبرت وزارةُ الحرب ويلسون أنه إذا أراد مواصلة الحرب مع المكسيك فحملة بيرشينج ليست كافية بحال من الأحوال، وعلى الولايات المتحدة إما شن غزو شامل أو الخروج من البلاد. وقرر ويلسون أن التفاوض مع حكومة المكسيك أفضل.
والمناسبة الثانية، في الأول من فبراير 1967، أي قبل 50 عاماً، حين أُعلن تشكيل الاتحاد الأميركي لكرة السلة لينافس الدوري الأميركي لكرة السلة للمحترفين (إن. بي. أيه). وأبلى الاتحاد بلاءً حسناً. صحيح أن الناس سخروا من الاتحاد المبتدئ وكرته المؤلفة من الأبيض والأزرق والأحمر والملاعب الصغيرة، لكن الحملة الصاخبة نسيتها الدوريات الرياضية الكبيرة. إن هذا يشبه حملتك الانتخابية. لذا، هناك شيء ضعه في ذهنك. كان الاتحاد الأميركي لكرة السلة صاخباً ومسلياً ويحظى بكثير من الأنصار، لكنه في نهاية المطاف لم يستطع الصمود. فقد دخل على الدوام في شجار مع الاتحاد الوطني الأميركي لكرة السلة وتبين أن هذه ليست استراتيجية قادرة على الصمود. ثم اندمج في الدوري عام 1976. من المؤكد أن الدوري أصبح الشريك المهيمن بعد الاندماج، لكنه استوعب نقاط الجاذبية الكثيرة في الاتحاد الأميركي وأصبح لهذا أفضلَ وأكثرَ شعبيةً.
وثالث هذه المناسبات، في الأول من فبراير 1992، قبل 25 عاماً، أعلن الرئيس بوش الأب ونظيره الروسي بوريس يلتسين أن الحرب الباردة انتهت، وأننا سنصبح جميعاً أصدقاء. لكن هل تدري يا سيادة الرئيس أن أصحاب وجهة النظر الواقعية كانوا على صواب؟ الحرب الباردة لم تكن أيدولوجية، فيما يبدو بل جيوسياسية، أي على مجالات النفوذ والموارد الطبيعية. ولذا ففكرة الصداقة الدائمة كان مقدراً لها الفشل منذ البداية. فقد انهار الاقتصاد الروسي، لكن الدب الروسي ظل يدمدم. ووسع الغرب حلف «الناتو» لأنه ليس من الممكن معرفة المكان الذي قد يذهب إليه الدب، وكثير من الشعوب المجاورة لعرينه كانت خائفة واقتصادها منهار. ثم انتخب بوتين رئيساً لروسيا وارتفعت أسعار النفط بشدة وتعافى الاقتصاد وظهر الغضب الروسي. والواقع أن الروس ما زالوا غاضبين. وبوتين لا يتوقف عن الحديث حول هذا. فقد أعلن قبل عامين أن الغرب انتهك تعهده بألا يوسع نطاق «الناتو»، لذا من حق بوتين الاستيلاء على شبه جزيرة القرم. الآن أعلم أنك وبوتين مثل شقيقين أو شيء من هذا القبيل. ولذا عليك توخي الحذر قبل تتبع خطوات بوتين. فليس هناك اتفاق بعدم توسيع «الناتو»، لذا فالغرب لم ينكث عهده. كل ما في الأمر أن بوتين يستعرض قوته. ثم ماذا عن عملية القرصنة الإلكترونية أثناء الانتخابات؟ إنها مزيد من استعراض القوة والصراع الجيوسياسي.
وفي الختام، أعلم، سيدي الرئيس، أنك مشغول، لذا ليس من الضروري أن ترسل رداً شخصياً على نصيحتي هذه، بل تكفي تغريدة على تويتر.
ستيفن كارتر
أستاذ القانون في جامعة يل
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرغ نيوز سيرفس»