تحل يوم غدٍ الثاني من ديسمبر 2014 الذكرى الثالثة والأربعون لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، التي شكلت تجربتها الوحدوية نموذجاً ملهماً لكل الشعوب الساعية إلى الوحدة والتنمية والازدهار. ومع كل عام يمر تزداد هذه التجربة وهجاً وتألقاً، وتزداد الدولة قوة وتماسكاً وازدهاراً، بفضل قيادتها الحكيمة التي وضعت مصالح الوطن ورفاهية أبنائه في مقدمة أولوياتها، وعملت بدأب وإصرار على الارتقاء بالوطن إلى مصاف الدول المتقدمة التي يُشار إليها بالبنان، فنالت ثقة مواطنيها وولاءهم وحبهم والتفافهم حولها، وانتزعت احترام العالم، ورسخت بنيان دولة أصبحت خلال فترة قصيرة من عمرها تمثل حلماً يراود ملايين الشباب شرقاً وغرباً للعمل فيها والإقامة والعيش على أرضها الطيبة. مؤشرات النجاح والتميز التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة على مستوى العالم في المجالات المختلفة كثيرة ومتنوعة ويصعب حصرها، سواء في تحقيق التنمية البشرية، أو في تمكين المرأة، أو في مؤشرات التنافسية والشفافية والتنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي، لكن أهم المؤشرات في تقديري وأكثرها دلالة هو نجاح الدولة وقيادتها الحكيمة في تحقيق سعادة المواطنين ورفاهيتهم، حيث حلت الدولة في المركز الأول عربياً والرابع عشر عالمياً في المسح الثاني للأمم المتحدة لمؤشرات السعادة والرضا بين شعوب العالم لعام 2013، فهذا المؤشر وحده يختزل كل المؤشرات الأخرى، ويؤكد قوة ومتانة علاقات الود والحب والاحترام التي تربط شعب الإمارات بقيادته الرشيدة، وتُظهر ولاءه لها، وهو أمر أكده أيضاً تقرير التنافسية الدولية للمنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» للعام 2013-2014، الذي صنّف الإمارات في المركز الثالث عالمياً في مؤشر ثقة المواطنين بالقادة السياسيين فيها، من بين 148 دولة في العالم، ولو كان التقرير أكثر موضوعية لجاءت الدولة في المرتبة الأولى عالمياً، فما يكنه شعب الإمارات بكل فئاته من حب وتقدير ووفاء لقيادته الحكيمة لا يمكن أن نجد مثيلاً له في أي مكان بالعالم. ونحن نحتفل بالذكرى الثالثة والأربعين لقيام دولتنا المباركة، لابد أن نستذكر بكل فخر وتقدير وامتنان الجهود الاستثنائية التي قام بها القادة المؤسسون، وعلى رأسهم المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذين تحدوا كل الصعاب ووحدوا الصفوف والقلوب لبناء دولة فتية قادرة على الوفاء بمتطلبات العصر وتجاوز أي تحديات يمكن أن تعترض طريقها، وتمكنوا بكل اقتدار وصبر وحكمة من إنجاز مرحلة التأسيس والانتقال بالدولة إلى مرحلة التقدم والنهوض، فالاتحاد الذي نعيشه اليوم واقعاً حضارياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً لم يكن مناله سهلاً يسيراً، وإنما كان ثمرة مسيرة طويلة من الجهد والمثابرة والعمل الشاق الدؤوب التي قادها الآباء المؤسسون، كما ذكر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في أول خطاب له في اليوم الوطني الثالث والثلاثين، بعد تسلمه راية الوطن ليجعلها عالية خفاقة في كل الميادين والمجالات. ومثلما استطاع الآباء المؤسسون مواجهة كل التحديات لترسيخ أركان هذا الاتحاد الذي ننعم في ظله اليوم، والذي يوصف بأنه أنجح تجربة وحدوية عربية في العصر الحديث، فإن قيادتنا الرشيدة ماضية بالعزم ذاته والحكمة ذاتها في طريقها لمواجهة التحديات الجديدة الماثلة أمامنا اليوم، ولاسيما ما يتعلق منها بتنامي خطر التنظيمات الإرهابية والفكر المتطرف في المنطقة برمتها، ساعية إلى ترسيخ أسس الأمن والاستقرار في المنطقة، ونشر قيم التسامح والاعتدال التي قامت عليها دولة الاتحاد منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971، لتستمر مسيرة الاتحاد المباركة وتزداد رسوخاً وقوة، ونزداد نحن ثقة وتفاؤلاً بالمستقبل، وحباً ووفاءً لقيادتنا الحكيمة، التي لا نستطيع مهما فعلنا أن نوفيها حقها لما بذلته وتبذله من جهود دؤوبة لرفعة شأن الوطن وسعادة مواطنيه.