حاججتُ على مدى الأسابيع القليلة الماضية بأن إسرائيل ألحقت بإيران وشبكة مقاومتها ما يعادل هزيمةً بمستوى هزيمة حرب يونيو 1967 وبأنه ستكون لذلك عواقب وخيمة. ومن قمة المفارقات أن عائلة الأسد استولت على السلطة في سوريا في عام 1971، جزئياً بسبب هزيمة سوريا المدمرة في حرب 1967. وبذلك يجوز القول هنا: كما تدين تدان. ولكن استعدوا لمفاجآت أخرى، فأنتم لم تروا شيئاً بعد. وفي ما يلي 5 ملاحظات سريعة. 
أطرف تصريحٍ لأي زعيم عالمي حتى الآن: هذه الجائزة تؤول إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن منشوره على وسائل التواصل الاجتماعي: «إن سوريا في حالة من الفوضى، ولكنها ليست صديقتنا، ويجب ألا يكون للولايات المتحدة أي علاقة بها، فهذه ليست معركتنا. دعوا الأمور تجري، ولا تتدخلوا!». ولكن انتبه يا سيد ترامب: فسوريا هي حجر الزاوية في الشرق الأوسط بأكمله. لقد انهارت للتو كجسر تم تفجيره، وهو ما يخلق مخاطر وفرصاً جديدة وواسعة سيسعى الجميع في المنطقة إلى استغلالها والتفاعل معها. وبالتالي، فإن البقاء بمنأى عما يجري ليس خياراً مطروحاً، وخاصة أن لدينا عدة مئات من القوات الأميركية المتمركزة في شرق سوريا. بل علينا أن نحدد مصالحنا ونستغل الأحداث في سوريا لتوجيهها، لأن الجميع سيفعل ذلك. 
أكبر مصلحة أميركية: وهذا أمر بدهي أيضاً، وهو أن هذه الانتفاضة في سوريا ستؤدي على المدى الطويل إلى اتجاه مؤيد للديمقراطية في إيران. أما على المدى القصير، فمن المؤكد أنها ستؤدي إلى صراع على السلطة بين المعتدلين هناك - الرئيس مسعود بيزشكيان ونائبه وزير الخارجية السابق جواد ظريف - والمتشددين في الحرس الثوري.
ونحن بحاجة إلى التأثير في هذا الصراع. فالأحداث في سوريا، بالإضافة إلى هزيمة إيران العسكرية أمام إسرائيل، تركت إيران مكشوفة. وهذا يعني أنه سيتعين على قادة إيران الآن الاختيار - بسرعة - بين الإسراع إلى تطوير قنبلة نووية من أجل إنقاذ نظامهم أو التخلص من القنبلة في صفقة مع ترامب، إذا ما سحب تغييرَ النظام من قائمة الخيارات المطروحة على الطاولة. ولهذا السبب، أقول لك يا سيد ترامب: لا يمكن ألا تكون لنا علاقة بهذا الأمر. 
أكبر مجهول معروف: من هم المعارضون الذين استولوا على سوريا وماذا يريدون حقاً؟ ديمقراطية تعددية أم دولة إسلامية؟ الواقع أن التاريخ يخبرنا بأن الإسلاميين المتشددين عادة ما ينتصرون في مثل هذه الحركات، ولكنني أراقب التطورات حالياً وأتمنى أن يكون الأمر خلاف ذلك.
أكثر ما يقلقني وتم التعبير عنه في عنوان رئيسي واحد: إنه العنوان الذي قرأته بإحدى الصحف: «سوريا ما بعد الأسد تواجه خطر السقوط تحت حكم ميليشيات خارجة عن السيطرة». إننا في لحظة من تاريخ الشرق الأوسط حيث توجد العديد من الدول التي يمكنني أن أصفها بأنها «متأخرة جداً عن الإمبريالية، ولكنها فشلت في حكم نفسها بنفسها». إنني أتحدث هنا عن ليبيا واليمن ولبنان وسوريا والعراق والصومال والسودان، وأقصد أن أي قوة أجنبية لن تأتي إليها من أجل أن تحقق الاستقرار فيها، ولكنها فشلت إدارة تعدديتها وإبرام عقود اجتماعية لتحقيق الاستقرار والنمو. إننا اليوم في منطقة لم يسبق لنا أن تواجدنا فيها خلال حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية - لحظة انحدرت فيها العديد من الدول إلى هذه الحالة الهوبزية من الطبيعة، ولكن في عالم أكثر ترابطاً.
ولهذا السبب، قلتُ لمخاطبي الصينيين في عدة مناسبات، خلال زيارتي إلى بكين وشنغهاي الأسبوع الماضي: «تعتقدون أننا أعداء، ولكنكم مخطئون لأن لدينا عدواً مشتركاً هو: الفوضى. إن التاريخ سيحكم على بلدينا بناء على كيفية تعاوننا من أجل تقليص عالم الفوضى وتنمية عالم النظام».
أفضل قولة روسية مأثورة تلخّص التحدي الذي تواجهه القوى الإقليمية والعالمية الآن في إصلاح سوريا: «إن تحويل حوض سمك إلى حساء سمك أسهلُ من تحويل حساء سمك إلى حوض سمك». 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»