سوريا: التخلص من النظام... أم «القاعدة»!
بعد دخول الأزمة في أوكرانيا على خط الأزمة السورية التي تأخرت في مجال تناول وسائل الإعلام وتقدمت أوكرانيا ومجريات أحداثها على المشهد العام، بدأ الحديث عن الأزمة السورية يأخذ بعداً آخر يتعلَّق بالتخلص من نظام الأسد أم «القاعدة»، أو الاثنين معاً.
ويبدو أن صعوبة الأوضاع في سوريا جعلت بعض المحللين يذهبون إلى ضرورة التركيز على التخلص إما من النظام أو «القاعدة» أما كليهما، وهذا يعني المزيد من التعقيد.
ويأتي ذلك على خلفية التوقعات التي ذهبت إلى أن النظام سيسقط في غضون أسابيع كما كانت تعتقد أميركا وبريطانيا، إلا أن الوضع الآن قارب الثلاث سنوات ولم تحسم النتيجة على الأرض لصالح أي طرف، وإن كان البعض يذهب إلى تقدم النظام وتأخر الأطراف المتصارعة عن الانتصار، خاصة بعد دخول أكثر من تنظيم غير «القاعدة» على خط الأزمة كـ«جبهة النصرة» و«داعش».
ولو أخذنا في الاعتبار انشغال الغرب بأزمته الداخلية في أوكرانيا فإن نظام الأسد ستطول مدة بقائه ويصعب على الغرب القيام بمهمتين في سوريا وحدها بالإضافة إلى المهمة الطارئة في أوكرانيا.
وفي الوقت نفسه يستغل النظام السوري هذا الوضع المستجد في العالم لصالحه بارتكاب المزيد من الجرائم ضد الشعب الذي ابتلي الآن بدخول المزيد من التنظيمات المتطرفة إلى ساحة القتال، وهو ما يجعل المشهد السوري أكثر قتامة، والذهاب إلى المجهول أكثر وضوحاً. وخاصة عندما تبرز الخلافات البينية بين المعارضة في الخارج والداخل والقتال الدائر الآن بدأ يطال كل الأطراف المتنازعة، فالنظام يزعم أنه يحارب الإرهاب، والأطراف الأخرى، من الجيش الحر والتنظيمات المتطرفة، تحارب بعضها بعضاً.
فالجدلية التي تطرح اليوم على الساحة في كيفية معالجة الأزمة السورية عبر التخلص ممن أولاً النظام أم «القاعدة» أم التنظيمات الأخرى التي بدأت تعبث في الميدان لصالح كل طرف على حدة.
وإذا كان الغرب غير متفق على أولوية التخلص من أي طرف هناك، فالشعب يدفع الثمن من حياته، وإلى متى عليه الانتظار للبت في هذا الأمر؟
فإذا كان الغرب يعتقد أن النظام عليه الرحيل فإنه في الوقت نفسه متخوف وقلق من أن البديل قد يكون أسوأ إذا ما حكم سوريا طرف راديكالي وليس ليبرالياً، مع غموض مفهوم الليبرالية هنا وجنوح الراديكالية نحو التطرف.
لا ينبغي اليوم الانشغال فقط بأيهما أولى بالتخلص قبل النظام السوري أم «القاعدة» وتوابعها من المنظمات المتطرفة؟، ويزداد الوضع تعقيداً في ظل هذه الظروف المتدهورة وعدم وجود طرف سوري متماسك سياسياً وميدانياً لتولي مسؤولية المرحلة الانتقالية التي هي بحاجة إلى دعم جميع الدول التي تبحث عن أرضية مشتركة تساعد على حل الأزمة في أقرب فرصة.
إن دخول الأزمة الأوكرانية على خط الأزمة السورية وخاصة مع وجود المشترك الروسي بينهما قد لا يعطي الزخم المطلوب للحل في سوريا على أساس أن أوكرانيا مصلحة غربية بالدرجة الأولى فتعطى الأولوية في حين أن سوريا أزمة شرق أوسطية يمكن تأجيل البت فيها إلى حين تهدئة الأوضاع في أوكرانيا.
ولكن بين هذه الأزمة وتلك قد تجري مياه كثيرة يصعب التحكم في مجاريها، فبين النظام السوري أو «القاعدة» ومن هو أولى بالتخلص الآن، قد لا يسعف هذا الطرح ضرورة التوصل لما يوقف النظام عن ارتكاب المزيد من الانتهاكات التي قد تعطي «القاعدة» وملحقاتها الذريعة لارتكاب انتهاكات مضادة لا تفرق بين المصيب والمخطئ في ظل الفوضى التي تولِّد تيارات متطرفة تساهم في خنق وزيادة احتقان الأزمة وليس انفراجها.