إيران: المكابرة الجوفاء
بصرف النظر عن حق إيران أو غيرها امتلاك القنبلة النووية ما دامت إسرائيل خارج نطاق المراقبة الدولية، لكن حين يكون ذلك على حساب الأولويات الشعبية، لابدّ من إعادة النظر في الموضوع. إيران دولة نامية من دول العالم الثالث الذي اختفى من أدبيات الدراسات السياسية، وسواء امتلكت قنبلة نووية أو أي سلاح مدمر آخر، ستظل دولة متخلفة تقنياً وصناعياً، دون التقليل من القيمة التاريخية و الحضارية العالمية للتراث الأدبي الإيراني. ولكن لننظر في مشاكل إيران المعاصرة.
** إيران دولة نفطية، ولكنها عاجزة عن تغطية احتياجاتها من مادة البنزين!
** إيران تعاني من نقصان قطع الغيار، وسقوط كثير من طائراتها المدنية خير دليل على ذلك.
** إيران لا تملك جامعة مُعترف بها عالمياً.
** نظام الحكم في الجمهورية الإسلامية يتسم بالديكتاتورية، والانتخابات الأخيرة شاهد على ذلك.
** كثير من المثقفين الإيرانيين يسعون للهروب من هذا النظام الديكتاتوري.
** لأول مرة في التاريخ الإيراني الحديث يحاول النظام الإيراني استعداء العالم الغربي والعربي والخليجي معاً.
** لأول مرة يحاول النظام الإيراني التدخل في الشأن العربي (لبنان وغزة والعراق) بصورة عدائية وبدون هدف محدد.
** الاحتلال الإيراني لجزر دولة الإمارات العربية المتحدة، ورفض اللجوء إلى التحكيم الدولي، وما يؤدي إليه ذلك من توتر سياسي في منطقة الخليج العربي.
** اتسام الوضع الداخلي الإيراني بعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي بعد الانتخابات الأخيرة.
** انتشار الفقر والمخدرات والموبقات في المجتمع الإيراني.
النخبة الدينية الإيرانية التي تحكم إيران اليوم لم تعِ بعد الإيقاع السريع والقوي للقضايا الإنسانية في عصر العولمة. وإيران أحوج ما تكون اليوم إلى بناء دولة مدنية لا دينية، وأن تجعل من تنمية المجتمع الإيراني هدفاً رئيسياً وذلك من خلال الإنفاق على تطوير المجتمع الإيراني في المجالات العلمية والتقنية، بأن تكون عامل جذب للمفكرين والعلماء الإيرانيين للمساهمة في هذه التنمية. ومما يجب على إيران أن تعلمه أن الإنفاق على السلاح في دولة نامية ليس سوى تضييع لهذا الإنفاق، وأن يكون لها الاتحاد السوفييتي عبرة، وكذلك الأمر بالنسبة لكوريا الشمالية المدججة بالسلاح النووي، في وقت يعاني فيه الشعب الكوري الشمالي الفاقة والجوع والفقر.
إن إيران بحاجة إلى التوقف عن التدخل في الشأن العربي، ليس فقط أنه لا يحق لها ذلك، بل ولأن مثل هذا التدخل لن يسفر سوى عن مشاكل أمنية وعدم استقرار في الدول التي تتدخل في شؤونها. فلبنان عُرضة لحرب إسرائيلية في أي وقت بسبب تسليح إيران لـ"حزب الله"، والمليارات المهربة من الدولارات لتمويل "حزب الله" والتي صادرتها تركيا مؤخراً، فضيحة ما بعدها فضيحة، وفي وقت يشهد فيه المجتمع الإيراني تردياً في الخدمات العامة وغلاء المعيشة. كذلك الأمر بالنسبة للتدخل الإيراني في العراق وما يجلبه ذلك من تهديد للاستقرار السياسي والمدني العراقي سيدفع بالولايات المتحدة للمزيد من التدخل العسكري وبالتالي ارتفاع حدّة التوتر الأمني.
أما ارتفاع نبرة التهديد العسكري لإسرائيل فقد أثبت الواقع زيف ادعاءات القادة الإيرانيين يوم اندلع العدوان الإسرائيلي على غزة في عملية "الرصاص المصبوب"، ولم تجرؤ إيران على إطلاق رصاصة واحدة على القوات الإسرائيلية، وتركت اللحم الفلسطيني مكشوفاً للآلة العسكرية الهمجية.
متى تقتنع إيران أن لا جدوى من سياستها العدائية للعرب ولدول الخليج، وأنها أعجز من أن تقوم بدور الدولة العظمى في المنطقة؟ أما آن للقادة الإيرانيين أن يستعيدوا رشدهم؟