لم يكن انسحاب بيرني ساندرز من سباق الانتخابات الرئاسية، كمرشح عن الحزب «الديمقراطي» يوم الأربعاء قبل الماضي مفاجأة. فقد كان لجو بايدن تقدم كبير في المندوبين وفي استطلاعات الرأي للحصول على ترشيح الحزب «الديمقراطي». ويواجه بايدن، نائب الرئيس السابق والمرشح المفترض للحزب «الديمقراطي»، مهمة شاقة تتمثل في توحيد الحزب. وكتب «بايدن» في بيان طويل أنه «بينما توقفت حملة ساندرز، لكن تأثيرها على هذه الانتخابات والانتخابات المقبلة لم يتوقف».
وساندرز ليس «ديمقراطياً» بارزاً فحسب بل «ديمقراطي» اشتراكي ودفاعه عن برامج مثل الرعاية الصحية للجميع والرسوم الجامعية المجانية حولت حركته إلى قوة امتدت من الأشخاص في السبعينيات من عمرهم من «مقاتلي العدالة الاجتماعية» إلى جيل الألفية المثقل بالديون، كما كتب ذلك اثنان من زملائي في «كريستيان ساينس مونيتور» في فبراير الماضي. ومن المتوقع أن يصوت معظم أنصار ساندرز لصالح بايدن لمجرد كونه وسيلة للإطاحة بالرئيس دونالد ترامب. لكن في سباق متقارب، قد يقضي أي تقاعس ديمقراطي عن المشاركة في الولايات المحورية على فرص الحزب.
وبايدن تحول بالفعل نحو اليسار. والشهر الماضي تبنى نسخة من خطة ساندرز للرسوم الدراسية الجامعية وأيد خطة الإفلاس التي اقترحتها اليزابيث وارين، سيناتورة ولاية ماساشوستس والمتسابقة الليبرالية السابقة الأخرى للفوز بترشيح الحزب «الديمقراطي».
ولا يمكنني أن أفلت هذه اللحظة دون الإشارة إلى مشوار ساندرز السياسي الجدير بالاهتمام، سواء اتفقنا معه أم لا. فحين كنت في العام الدراسي الأخير في الجامعة في ولاية فيرمونت، اتذكر الوقت الذي انتخب فيه ساندرز رئيسا لبلدية بيرلنجتون بفارق عشرة أصوات. لقد كان متمرداً ثقافياً قادماً من بروكلين شن هجومه ضد أصحاب الملايين. وسافر زميلي السابق «وارين ريتشي» إلى بيرلنجتون عام 1984 لاجراء مقابلة مع ساندرز رئيس البلدية. ووجد ريتشي شخصية تتحدث كاشتراكي لكن تحكم بطريقة براجماتية. وحين دخل ساندرز الكونجرس عام 1991 اتبع النهج نفسه وهو التعبير عن رأيه الاشتراكي لكن حين يجد الجد، يصوت مع «الديمقراطيين».
والجدير بالذكر أن كفاح ساندرز ظل حتى عام 2015 لا يلحظه أحد إلى حد كبير. لكن في ذاك العام تصدى لهيلاري كلينتون التي تجسد مؤسسة الحزب «الديمقراطي» وتولدت مع خوض ساندرز السباق حركة كادت أن تحصل على ترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية. فقد خاطب ساندرز، مثل الرئيس ترامب، نزعة عميقة داخل جمهور الناخبين الأميركيين وهي الولع الشعبوي بسحق القوى المتمرسة في واشنطن.
*صحفية أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»