في ظل انشغال العالم بأولوية وقف انتشار عدوى فيروس كورونا والسباق من أجل إيجاد لقاح فعال للقضاء على تفشي الوباء، يطل علينا بعض أصحاب العقول الفارغة والأحقاد المريضة لتفريغ شحنات من الكراهية، من خلال بث التشاؤم ورسم صور سوداوية للمستقبل، والحديث عن اقتصاد دبي والإمارات من زاوية تجهل الكثير عن استعدادات الإمارات المبكرة للمستقبل.
وعندما تم الإعلان من جانب مشاركين دوليين من كافة أنحاء العالم عن دعمهم وتضامنهم مع إكسبو 2020 دبي، ومع مقترح إمكانية تأجيل المعرض لمدة عام كامل بسبب الأزمة الصحية العالمية الحالية، قفز إلى وسائل التواصل الاجتماعي من يحبون ترويج الإشاعات، وتركز تطفلهم الإعلامي على تكريس أوهام مغلوطة حول اقتصاد الإمارات بالتركيز على التشكيك في اقتصاد دبي ودورها الريادي على مستوى المنطقة والعالم.
ورغم أن تداعيات كورونا على الاقتصاد العالمي مسألة متداولة ويختلف حجم تلك التداعيات وطبيعتها من بلد لآخر، طبقاً لاختلاف الموارد والأنشطة الاقتصادية، فإن الجهل بمرونة وتنوع اقتصاد الإمارات يقود أولئك الحاقدين إلى الاستمرار في تكرار سرد استنتاجات مبنية على معلومات خاطئة.
إن مرونة اقتصاد الإمارات وريادة إمارة دبي في التغلب على الأزمات مشهودة ولها تجارب كثيرة في هذا الجانب، سواء في القرن الماضي أو ما تلاه، وأقرب مثال أزمة 2008 التي تغلبت عليها دبي وعادت إلى المساهمة في حركة الاقتصاد بقدرات ومجالات أكثر تنوعاً وإلهاماً للمستثمرين على المستوى العالمي.
وخلال ثلاثينيات القرن الماضي شهدت دبي ومنطقة الخليج عموماً انهيار تجارة اللؤلؤ الطبيعي بعد ظهور اللؤلؤ الصناعي، ما أدى لحدوث كساد سيطر على الأسواق، ثم اندلعت الحرب العالمية الثانية التي كان لها تأثيرها الأقسى على حركة التجارة، وما تلا ذلك من تدخلات وقيود استعمارية خارجية أسهمت بشكل سلبي في الحد من حرية التجارة وتنوع الشركاء التجاريين.
ورغم ذلك نهضت دبي من بين تلك الأزمات القاسية وتحولت إلى منطقة جذب تجاري منذ منتصف القرن الماضي. ومن يقومون بنشر الإشاعات ونقل الأخبار الكاذبة، إنما يعكسون ما يتمنون حدوثه وما يترجم أحلامهم اليائسة.
وإذا كانت الإمارات قد استطاعت في الماضي قهر المستحيل وتحقيق ريادة اقتصادية وتجارية جاذبة للاستثمار الأجنبي، فإن قدرة اقتصادها وتنوعه في الوقت الحاضر تمنحه المزيد من الفرص والمداخل الحيوية لتجاوز الأزمات، فنحن نتحدث عن اقتصاد دولة بلغت قيمة صادراتها السلعية في أحدث احصائية 280 مليار دولار، وعلى مستوى صادرات الخدمات تحتل الإمارات المرتبة الـ15 في قائمة دول تضم بلدان الاتحاد الأوروبي، بقيمة صادرات بلغت 72 مليار دولار.
إن القدرة على التكيف مع الأزمات الاقتصادية العالمية والتغلب عليها واقتراح بدائل تنافسية، من أبزر مميزات اقتصاد دبي ومناطقها الحرة. والتجارب السابقة تثبت ذلك. بالإضافة إلى دور إيجابي متوقع لحزمة الحوافز والتسهيلات والاعفاءات التي تم إطلاقها على المستوى الاتحادي.
ولا ننسى أننا نتحدث عن اقتصاد الإمارات الذي لم يعد النفط مصدره الوحيد لجني العائدات. فتجربة الإمارات في تنويع مصادر الاقتصاد تجربة ريادية. وبالتالي لا مجال لتصديق الإشاعات، سواء في مجال الأمن الغذائي أو بشأن مستقبل الاقتصاد على خلفية التداعيات المؤقتة لأزمة تفشي كورونا عالمياً.
وأخيراً نجد أن العالم الآن يتحدث عن أهمية استمرار سلاسل الإمداد، وما تقوم به الإمارات من خلال أداء أسطولها الجوي يجعلها دائماً في الواجهة الدولية الأكثر بروزاً، من حيث المساهمة في شحن البضائع والمتطلبات وتوفير الإمداد على مستوى العالم. وهذا الدور سوف يتعاظم ويتوسع ويحقق للإمارات المزيد من المكاسب المستقبلية، ولا عزاء للحاقدين في زمن كورونا.
*كاتب إماراتي