اعتزام إدارة ترامب طلب حزمة حوافز اقتصادية بقيمة 850 مليار دولار، لتقليص التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا، ليس إلا أول مثالٍ على ما قد يصبح أمراً معتاداً جديداً. فالحكومة الكبيرة ستتزايد انتشاراً إلى حدٍ كبير. ولا يوجد شيء يستطيع أن يفعله المدافعون عن فكرة الحكومة الصغيرة في المدى القصير للتصدي لهذا التحرك. فالعمل الحكومي المنظم وحده، هو الذي يستطيع أن يفرض إجراءات الابتعاد الاجتماعي الذي يخبرنا الخبراء أنه وسيلة ضرورية لتقييد انتشار الفيروس. وحتى أكثر الأشخاص ليبرالية، يرون أن هذا سلطة أمنية حكومية مشروعة يمكن أن تستخدم في حالات الطوارئ لتحمي أرواحنا. والجميع يتوقع أن تتراجع سلطة الحكومة مع تراجع الخطر.
لكن المرحلة التالية من توسع الحكومة الكبيرة، من المرجح أن يكون التراجع عنها صعباً. فمهما يكن من شأن الصيغة التي تتخذها حزم الحوافز، فالواقع أن ملايين الأفراد والأنشطة الاقتصادية ستصبح فعلياً، بين عشية وضحاها، معتمدين إلى حدٍ كبير على تمويل الحكومة وبرامجها من أجل سلامتهم. وتغير مسار هذا الاعتماد قد يكون أصعب، لأسباب واضحة. فإذا سحبنا الدعم بعد وقت قصير للغاية، فإن الدمار سيحل بحياة الناس. وإذا أبقينا الدعم لفترة طويلة، فإن الناس سيعتادون على الحماية والدعم، ولا يرجح أن يرغبوا في العودة إلى المخاطر التي تحف الأسواق والاعتماد على الذات.
ولذا، لابد على الكونجرس والإدارة التوصل إلى التوازن الملائم في وضع حزم الإنقاذ. وهذا يعني توضيح أن هذه المساعدات مؤقتة وستنتهي حين يتلاشى الخطر الصحي العام. ووضع إجراءات واضحة وموضوعية في أي حزم إنقاذ أو دعم، سينقل الرسالة الملائمة التي مفادها إننا سنعود إلى الاقتصاد القائم على السوق بمجرد انتهاء الخطر. ومن المحوري توضيح أن هذه المساعدات غير المسبوقة مرتبطة بالطبيعة العامة للمشكلة. ويجب أن ندرك أن الاقتصاد سيقع في كساد، بسبب قرارنا الجماعي بتقديم الصحة العامة على الثروة. وحماية الصحة العامة يعتبر واحداً والوظائف المحورية لأي حكومة مشروعة، وهي مهمة لا تقل أهمية عن حماية الأمن العام من المخاطر الخارجية والداخلية. فالحق في الحياة مقدم على الحق في الحرية، وهذا هو السبب الذي يجعل الناس مستعدين للتخلي عن الحرية من أجل الحفاظ على الحياة.
*باحث بارز في مركز الأخلاقيات والسياسة العامة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»