تعد محافظة إدلب شمال غرب سوريا من أخطر المناطق الساخنة حالياً. فهناك، تواجه الوحدات العسكرية التركية والروسية بعضها بعضاً بشكل متوتر، بينما تخوض قوات بالوكالة حرباً شاملة حول الطرفين. وفي الأسبوع الماضي لقي نحو 33 جندياً تركياً مصرعهم، بعضهم في غارات جوية قد تكون روسية. والحرب بين روسيا وتركيا تبدو ممكنة بشكل مقلق. والسؤال هو ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، اللذان التقيا الخميس الماضي في موسكو، يمكن أن يربكا مرة أخرى التنبؤات بانجرار بلديهما للحرب؟
لقد تفاوضا بشأن وسيلة للخروج من الصراع في الماضي، خاصة عندما أسقطت تركيا طائرة مقاتلة روسية في الشمال السوري عام 2015. ثم قام بوتين بجذب أردوغان إلى مدار روسيا عبر تشجيع التبعيات المهمة المتبادلة، مثل خط أنابيب «توركستريم» الذي افتتحه الزعيمان هذا العام، لنقل الغاز الروسي إلى جنوب أوروبا عبر تركيا. وفي المجال العسكري، تحدت تركيا حلفاءها في «الناتو» بشراء نظام الدفاع الجوي الروسي المتقدم «إس-400».
لكن الجميع متفقون على أن هذه هي أسوأ لحظة في العلاقة المتوترة منذ تدخل روسيا في الحرب الأهلية السورية. ويقول «فيودور لوكيانوف»، رئيس تحرير مجلة «روسيا في الشؤون العالمية»: «تحتاج روسيا وتركيا لبعضهما بعضاً، حتى لو تضاربت أهدافهما. لا يمكن لأي منهما تحقيق شيء ما لم ترضخ للأخرى، ولهذا فهما تصيغان بانتظام هذه (الحلول) التي لا تحل شيئاً بل تؤدي مع مرور الوقت إلى أزمات أسوأ».
لقد أدى تدخل روسيا في سوريا قبل خمس سنوات بإجهاض آمال تركيا في توسيع نفوذها الإقليمي، بعد ما بدا في ذلك الوقت وكأنه إزالة مؤكدة لنظام بشار الأسد في دمشق.
ولإدارة خلافاتهما حول سوريا، اتفاق الزعيمان في سوتشي عام 2018 على إنشاء منطقة عازلة في إدلب، تكون محظورة على القوات السورية، بينما تحمي تركيا حوالي 3 ملايين لاجئ فروا من المناطق التي اجتاحها الجيش السوري.
وكانت الخطة أن تقوم تركيا وروسيا بالإشراف المشترك على وقف إطلاق النار بينما تستخدم تركيا سلطتها لفصل المتطرفين المرتبطين بـ«القاعدة» عن المدنيين والمعارضة الأكثر اعتدالاً، استعداداً لتسوية سلمية.
بيد أنه لا شيء من هذا حدث؛ فموسكو تتهم تركيا بدعم المتمردين المتطرفين بدلاً من نزع سلاحهم وعزلهم، وبمحاولة ترسيخ سيطرتها الدائمة على إدلب. وفي الشهرين الماضيين، صعّدت سوريا عملياتها العسكرية بدعم جوي روسي، للسيطرة على طريقين رئيسين حيويين. ومؤخراً عززت روسيا قواتها في سوريا وأضافت أربع سفن حربية مسلحة بصواريخ كروز «كاليبر» إلى أسطولها في شرق المتوسط. وحذرت وزارة الدفاع الروسية من أنها «لا تستطيع ضمان» سلامة القوات التركية التي تحلق فوق إدلب، والتي تبدو مثل «منطقة حظر طيران» روسية.
*صحفي كندي مقيم في موسكو
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»