شهدت أبوظبي خلال الأسبوع الماضي، وتحديداً خلال الفترة 25- 28 فبراير 2020، انعقاد مهرجان «هاي أبوظبي» الذي قدّم تجربة ثقافية تفاعلية فريدة، حيث جمع الكتاب والقرّاء تحت مظلة واحدة، تبادلوا من خلالها الحوارات الشائقة والأفكار الجديدة. وقد شارك في المهرجان 99 كاتباً عالمياً مشهوراً، ممن حازوا الجوائز العالمية في مجالاتهم، حيث قدم كل منهم إبداعه الخاص من خلال حوارات حرة تعتمد التعددية وتقبل الآخر على قاعدة من التسامح والأخوة الإنسانية التي تميز الإمارات عربياً وعالمياً. كما شارك في المهرجان أفضل المُؤدّين الاستعراضيين من 20 دولة حول العالم. وقد أقيم المهرجان في منارة السعديات إلى جانب أماكن أخرى في جميع أنحاء العاصمة ونظمته وزارة التسامح بالتعاون مع «هاي للفنون والآداب» بالمملكة المتحدة.
والحاصل أن الدعم الذي تقدمه القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يمثل العامل الأساسي في إنجاح مثل هذه الفعاليات التي تقدم الوجه المضيء للدولة وتعكس الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة لتنمية الحياة الثقافية، في ظل مرحلة باتت فيها الثقافة من الركائز الأساسية للقوة الناعمة. وقد كان مهرجان «هاي أبوظبي» واحداً من الفعاليات المهمة التي شهدتها دولة الإمارات خلال الفترة الأخيرة، حيث حقق المهرجان حزمة الأهداف التي انعقد من أجلها، والتي تمثَّل أبرزها في جمع أطياف مختلفة على مستويات الفكر والفن والآداب، وتوفير بيئة مناسبة تحمل قيم الإمارات وتسامحها وتراثها الأصيل، وإيمانها بالأخوة الإنسانية بمفهومها الشامل، وشهد المهرجان حوارات حرة ومناقشات متعددة بعثت رسائل عدة أساسية تتمحور حول دعم دولة الإمارات لقواعد الحوار الحضاري الراقي.
وقد أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، أن مهرجان «هاي أبوظبي» كان رسالة سلام ومحبة وتسامح إلى العالم أجمع، وهذه هي رسالة وزارة التسامح التي تسعى لتحقيقها دائماً، سواء من خلال الفنون أو الثقافة أو التنمية المجتمعية، وغيرها من المجالات. وأضاف معاليه: أن مهرجان «هاي أبوظبي» كان منصة حقيقية للتعددية وحرية الفكر، فلم يصادر أحد فكر أحد، ولم يستبعد أحداً نتيجة اختلاف مع رأيه أو مواقفه، وكان للجميع أن يتحاوروا وفق قواعد الأخوة الإنسانية واحترام الآخر، بصرف النظر عن رأيه أو معتقده أو لونه أو جنسيته.
وقد استمد هذا الحدث الكبير أهميته من عوامل عدة، في مقدمتها أنها كانت المرة الأولى التي ينظم فيها هذا المهرجان في المنطقة، وقد اتسمت فعالياته التي استمرت على مدار أربعة أيام بالزخم الشديد، حيث انقسمت إلى ثلاثة مستويات، هي: المستوى العام للجمهور بمنارة السعديات بمشاركة 99 كاتباً وفناناً، وقد أتيح لكل شرائح المجتمع. أما المستوى الثاني فتم تخصيصه للمدارس بمشاركة أكثر من 75 مدرسة حكومية وخاصة وأكثر من 5000 طالب، انضموا إلى 24 برنامجاً منوعاً بأربع لغات، هي العربية والإنجليزية والهندية والفلبينية. أما المستوى الثالث، فقد كان لطلاب الجامعات من خلال 3 أيام و13 فعالية مختلفة و7 جامعات، وقد استضاف المهرجان عروضاً سينمائية، بالشراكة مع «بي بي سي العربية»، تناولت المواقف الاجتماعية والثقافية والسياسية في العالم العربي، إضافة إلى عروض غنائية وموسيقية وشعرية لفنانين ومبدعين عرب وعالميين.
إن مهرجان «هاي أبوظبي» الذي انعقد تحت شعار «تخيل العالم» وقدم تجربة حافلة بالفعاليات الثقافية والأدبية، بمشاركة نخبة متميزة من الكتّاب والصحفيين والكوادر العلمية والمؤرخين والفنانين الحائزين جوائز عالمية، يؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة باتت بيئة حاضنة لكل الأفكار الخلاقة والمبدعة في المجالات كافة، جنباً إلى جنب مع احتضانها قيم ومبادئ التسامح ومبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية، التي أقرّها العالم انطلاقاً من أبوظبي خلال العام الماضي، وهو بلا شك مثل إضافة جديدة لمصادر القوة الناعمة لدولة الإمارات.
عن نشرة «أخبار الساعة»الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية