بينما تصل حملة اختيار المرشح «الديمقراطي» الذي سيواجه دونالد ترامب في انتخابات نوفمبر إلى مرحلة دقيقة، يواجه «الحزب الديمقراطي» مأزقاً خطيراً، وربما مميتاً. والسبب هو الصعود غير المتوقع للسيناتور بيرني ساندرز باعتباره الأوفر حظاً للفوز بالترشيح. فخلال السباقات الثلاثة الأولى من حملة الانتخابات التمهيدية، كان ساندرز فائزاً بالتساوي في آيوا والفائز الواضح في نيوهامبشر ونيفادا. وكان انتصاره في نيفادا مهماً بشكل خاص، نظراً لأن سكانها يشبهون ويمثلون بقية أميركا أكثر من الولايتين الأوليين. وقد فاز في كل مجموعات الناخبين تقريباً، الشِّيب والشباب والبيض والأميركيون الأفارقة والأميركيون اللاتينيون. وإذا حقق نجاحاً مماثلاً في «الثلاثاء الكبير»، يوم الثالث من مارس المقبل، عندما تصوّت 33 ولاية أميركية بما فيها كاليفورنيا وتكساس، فسيذهب إلى السباقات المتبقية، متقدماً على منافسيه بشكل لا يمكن تجاوزه تقريباً.
لكن ما الذي يمكن أن يوقف زخمه؟ في الوقت الراهن، يتنافس ستة مرشحين آخرين مع ساندرز على الترشيح. معظمهم معتدلون بشكل واضح في توصياتهم بخصوص السياسات ومختلفون عن ساندرز، التقدمي الذي يصف نفسه بـ«الاشتراكي الديمقراطي». وحتى الآن، قسّم المعتدلون الأصوات التمهيدية بينهم تاركين ساندرز يحشد معظم الأصوات التقدمية لصالحه. ولهذا، فإذا كان إجمالي الأصوات التي حصل عليها في انتصاراته كافياً للفوز، فإنه يمثل أقلية من إجمالي الأصوات المعبَّر عنها.
والسؤال المهم هو: كم من المرشحين الستة المتنافسين مع ساندرز سينسحب من السباق بعد الجولة المقبلة للانتخابات التمهيدية؟ الواقع أنه إذا أنهى ثلاثة منهم على الأقل حملاتهم، فسيكون المعتدلون في وضع أقوى لتحدي ساندرز. لكن هل سيكون الأوان قد فات؟ ليس كذلك، إن استطاعوا تركيز هجماتهم في المناظرات والخطابات القادمة على سجل ساندرز الراديكالي، وعلى التأثير السلبي الذي يمكن أن يتسبب فيه لـ«الديمقراطيين» المرشحين لإعادة الانتخاب في دوائر الكونجرس التي تم الفوز فيها بهوامش صغيرة خلال انتخابات 2018 النصفية، والتي منحت السيطرة على مجلس النواب لـ«الديمقراطيين» من جديد.
في شبابه، كان ساندرز من المعجبين بالزعيم الكوبي فيديل كاسترو والزعيم النيكاراغوي دانييل أورتيغا، وكلاهما عدوان بارزان للولايات المتحدة. وفي السبعينيات، كان يفضل تأميم الصناعة الأميركية. وفي 1988، أمضى شهر العسل مع زوجته الثانية جاين في موسكو. واللافت أنه لم يواجه تحدياً قوياً من منافسيه بخصوص هذا السجل؛ لكن هذا الصمت قد ينتهي في المناظرات المقبلة.
وخلال الأسبوع القادم، يمكن أن تحدث أشياء أخرى. فإذا فاز جو بايدن بالانتخابات التمهيدية في كارولاينا الجنوبية يوم 29 فبراير بأغلبية محترمة، فإن حملته المعتلة قد تتجدد وتستعيد زخمها. وإذا تعافى عمدة نيويورك السابق مايك بلومبيرج من البداية الكارثية التي بدأها على مسرح المناظرة في نيفادا، يوم 19 فبراير، وواصل ضخ مبالغ ضخمة من ماله الخاص في الحملة، فقد يصبح الخيار المفضل لمن يعتقدون أن لديه الفرصة الأفضل لدحر ترامب.
وإذا أنهى عمدة «ساوث باند»، بيت بوتيجيج، وسيناتورة مينيسوتا، إيمي كلوبوتشر، حملتيهما معاً، فإن أنصارهما قد ينتقلون لدعم بايدن أو بلومبيرج. أو إذا أنهت السيناتورة إليزابيث وارن حملتها، فإن الكثير من أنصارها يمكن أن يتحولوا إلى معسكر ساندرز.
ومن الإمكانيات الأخرى أن يمرض أحد المرشحين الأكبر سناً، والذين تفوق أعمارهم 70 عاماً، مثل ساندرز وبلومبيرج وبايدن خلال احتدام الحملة. ويُذكر أن ساندرز كان قد تعرض لنوبة قلبية قبل 5 أشهر فقط، ولم يكشف سجله الطبي بعد. كما خضع بلومبيرج لعملية زراعة دعامات في القلب عام 2007، لكنه لم يتعرض لنوبة قلبية. وبايدن كانت لديه مشاكل صحية متنوعة، لكنها ليست خطيرة.
ومن السيناريوهات المحتملة في الأسابيع المقبلة أن يذهب ساندرز إلى مؤتمر «الحزب الديمقراطي» في ميلووكي، ولاية ويسكونسن، في يوليو 2020 بأكبر عدد من الأصوات، لكن من دون أغلبية واضحة. وفي هذه الحالة، قد يكون من المستبعد أن يتنازل له المرشحون الآخرون عن الترشيح من دون تصويت في المؤتمر. وحينها، سيتعين اتخاذ قرار حاسم بشأن من سيكون الأقدر والأفضل لمواجهة ترامب والفوز في انتخابات نوفمبر الرئاسية.
*مدير البرامج الاستراتيجية في مركز «ناشيونال انترست»- واشنطن