الأحزاب الدينية، سنّية كانت أم شيعية، ترفض الإصلاح والتغيير الذي يحقق مصالح الشعوب.. لأنها لا تملك مشروع دولة
يلاحِظ المراقب السياسي أن الموجة الثانية من الانتفاضات العربية، وتحديداً الحراك السياسي في كل من الجزائر والسودان والعراق ولبنان، عرفت غياب جماعات الإسلام السياسي عن المشاركة في هذه الاحتجاجات. ففي الجزائر مثلاً كان الإسلام السياسي قد لعب دوراً طاغياً في السابق، أما في الحراك الشعبي الأخير ضد حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة فلم تسهم الجماعات الإسلامية الجزائرية بدور يذكر، ويعود السبب إلى مطالبة الشباب هناك بالديمقراطية وحكم القانون وحرية الترشيح للانتخابات والمطالبة بالوظائف للشباب الجزائري.
أما الحراك السوداني فهو الذي أطاح بحكم «الإخوان المسلمين» العسكري وهيمنتهم على السلطة لمدة تتجاوز الثلاثين عاماً. ويتهيأ السودان حالياً لوضع دستور مدني جديد يستوعب كل الطوائف والأديان في البلاد.
وفي الاحتجاجات المتواصلة في كل من العراق ولبنان لا يوجد أي دور يذكر لتيارات الإسلام السياسي.. فقد ثار الشعبان العراقي واللبناني ضد حكم الفساد والطائفية واحتكار السلطة وسوء الإدارة. ومن المفارقات الغريبة أن الشباب في البلدين ثاروا ضد حكم واحتكار الإسلام السياسي الشيعي. ففي العراق تركزت الاحتجاجات في المناطق الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية الفقيرة، حيث رفع المحتجون شعارات وطنية ضد حكم الطائفية ورجال الدين وأحزابهم ومليشياتهم المدعومة إقليمياً.. وتركزت مطالبهم حول تحسين الوضع المعيشي والقضاء على البطالة وعلى المطالبة بدستور جديد يلغي الطائفية ويعزز الوحدة الوطنية.
وفي لبنان ثار الشباب ضد تحكم «حزب الله» اللبناني وحكم الفساد الذي تهيمن فيه الأحزاب التقليدية التي احتكرت السلطة منذ استقلال لبنان.
شباب الانتفاضة في كل من لبنان والعراق يصطدمون يومياً بقوى الشرطة والجيش الموالية للسلطة.. حتى أصبح الأمر أكثر دموية وعنفاً، لأن أقطاب السلطة في البلدين يرفضون مبدأ المساواة والعدالة بين كل طوائف المجتمع، ويرفضون تغيير الوضع القائم الذي تتاجر فيه الأحزاب الدينية («حزب الله» في لبنان و«حزب الدعوة» في العراق) بشعارات دينية طائفية.
والسؤال هو: لماذا ترفض الأحزاب الدينية في كل من العراق ولبنان مبدأ التغيير نحو الأفضل لصالح كل طبقات المجتمع، تحت حكم مدني ديمقراطي يستوعب كل فئات المجتمع، ويكون عماده الدستور والقانون والعدالة الاجتماعية؟
من المفارقات العجيبة أن «حزب الله» اللبناني الذي برز في لبنان بعد رفعه شعارات المظلومية والمقاومة في الثمانينيات والتسعينيات، يصر اليوم على حكم الطبقة المهيمنة والمتشبثة بالسلطة، ويرفض أي حكومة لا تضم أنصاره، حتى ولو كانت حكومة تكنوقراط بعيدة عن الأحزاب الحاكمة! وهذا أيضاً يدل دلالة قاطعة على أن الأحزاب الدينية، سواء أكانت سنية («إخوان مسلمين» وسلفيين.. إلخ) أم شيعية («حزب الدعوة» و«حزب الله».. إلخ) ترفض الإصلاح والتغيير الذي يصب في مصلحة الشعوب. ويعود السبب إلى حقيقة أن الأحزاب الدينية لا تملك مشروع دولة.. وهي كما أوضحت تجربتها في السلطة في أي بلد حكمته، عاجزة عن إدارة الدول.
*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت
يلاحِظ المراقب السياسي أن الموجة الثانية من الانتفاضات العربية، وتحديداً الحراك السياسي في كل من الجزائر والسودان والعراق ولبنان، عرفت غياب جماعات الإسلام السياسي عن المشاركة في هذه الاحتجاجات. ففي الجزائر مثلاً كان الإسلام السياسي قد لعب دوراً طاغياً في السابق، أما في الحراك الشعبي الأخير ضد حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة فلم تسهم الجماعات الإسلامية الجزائرية بدور يذكر، ويعود السبب إلى مطالبة الشباب هناك بالديمقراطية وحكم القانون وحرية الترشيح للانتخابات والمطالبة بالوظائف للشباب الجزائري.
أما الحراك السوداني فهو الذي أطاح بحكم «الإخوان المسلمين» العسكري وهيمنتهم على السلطة لمدة تتجاوز الثلاثين عاماً. ويتهيأ السودان حالياً لوضع دستور مدني جديد يستوعب كل الطوائف والأديان في البلاد.
وفي الاحتجاجات المتواصلة في كل من العراق ولبنان لا يوجد أي دور يذكر لتيارات الإسلام السياسي.. فقد ثار الشعبان العراقي واللبناني ضد حكم الفساد والطائفية واحتكار السلطة وسوء الإدارة. ومن المفارقات الغريبة أن الشباب في البلدين ثاروا ضد حكم واحتكار الإسلام السياسي الشيعي. ففي العراق تركزت الاحتجاجات في المناطق الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية الفقيرة، حيث رفع المحتجون شعارات وطنية ضد حكم الطائفية ورجال الدين وأحزابهم ومليشياتهم المدعومة إقليمياً.. وتركزت مطالبهم حول تحسين الوضع المعيشي والقضاء على البطالة وعلى المطالبة بدستور جديد يلغي الطائفية ويعزز الوحدة الوطنية.
وفي لبنان ثار الشباب ضد تحكم «حزب الله» اللبناني وحكم الفساد الذي تهيمن فيه الأحزاب التقليدية التي احتكرت السلطة منذ استقلال لبنان.
شباب الانتفاضة في كل من لبنان والعراق يصطدمون يومياً بقوى الشرطة والجيش الموالية للسلطة.. حتى أصبح الأمر أكثر دموية وعنفاً، لأن أقطاب السلطة في البلدين يرفضون مبدأ المساواة والعدالة بين كل طوائف المجتمع، ويرفضون تغيير الوضع القائم الذي تتاجر فيه الأحزاب الدينية («حزب الله» في لبنان و«حزب الدعوة» في العراق) بشعارات دينية طائفية.
والسؤال هو: لماذا ترفض الأحزاب الدينية في كل من العراق ولبنان مبدأ التغيير نحو الأفضل لصالح كل طبقات المجتمع، تحت حكم مدني ديمقراطي يستوعب كل فئات المجتمع، ويكون عماده الدستور والقانون والعدالة الاجتماعية؟
من المفارقات العجيبة أن «حزب الله» اللبناني الذي برز في لبنان بعد رفعه شعارات المظلومية والمقاومة في الثمانينيات والتسعينيات، يصر اليوم على حكم الطبقة المهيمنة والمتشبثة بالسلطة، ويرفض أي حكومة لا تضم أنصاره، حتى ولو كانت حكومة تكنوقراط بعيدة عن الأحزاب الحاكمة! وهذا أيضاً يدل دلالة قاطعة على أن الأحزاب الدينية، سواء أكانت سنية («إخوان مسلمين» وسلفيين.. إلخ) أم شيعية («حزب الدعوة» و«حزب الله».. إلخ) ترفض الإصلاح والتغيير الذي يصب في مصلحة الشعوب. ويعود السبب إلى حقيقة أن الأحزاب الدينية لا تملك مشروع دولة.. وهي كما أوضحت تجربتها في السلطة في أي بلد حكمته، عاجزة عن إدارة الدول.
*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت