في خطابه بعد الضربات الصاروخية الإيرانية ضد أهداف أميركية في العراق، قدم الرئيس دونالد ترامب نسخته من القول المأثور «عدو عدوي هو صديقي»، وقال ترامب يوم الأربعاء الماضي، في البيت الأبيض: إن تنظيم «داعش» الإرهابي «هو عدو طبيعي لإيران»، وأضاف: «تدمير داعش مفيد لإيران، ويجب أن نعمل معاً على هذه الأولويات والأولويات المشتركة».
يبدو أن تصريحات ترامب ساعدت على تهدئة التوترات، التي ازدادت للغاية بعد الضربة الأميركية التي قتلت اللواء قاسم سليماني، قائد قوة «فيلق القدس» الإيرانية، مؤخراً، في بغداد.
لكن مسؤولي الأمن القومي والمحللين السياسيين قالوا: إن ترامب ربما يكون قد أرسل رسالة مختلطة: ففي نفس الخطاب، تحدث عن «سلوك إيران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط وخارجه»، متهماً إياها بـ«رعاية الإرهاب».
وقال مسؤول أوروبي لصحيفة «واشنطن بوست»، اشترط عدم الإفصاح عن هويته بسبب الحساسيات المستمرة، بشأن تعامل الولايات المتحدة مع الأزمة الإيرانية: «إننا لا نفهم ما يريده الرئيس ترامب حقاً، هل سيواجه تدخل إيران في الشرق الأوسط ويجبرها على التراجع؟ أو أنه يريد منع الولايات المتحدة من تحمل عبء أكبر في الشرق الأوسط مرة أخرى؟ وهل يعرض على إيران وحلفائها شراكة؟».
وقال مسؤول مخابرات في الشرق الأوسط: إن تصريحات ترامب ربما ينظر إليها البعض في إيران على أنها ضعف، مما يبرز مخاوف بشأن قدرة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على منع «داعش» من الحصول على مزيد من السلطة، وقال المسؤول: «المشكلة مع رسالته هي أنه يقول للإيرانيين إنه قلق بشأن داعش أيضاً».
وقال «حسن حسن»، محلل في مركز السياسات العالمية: إن تصريحات ترامب بشأن التعاون ضد «داعش» أظهرت أن الولايات المتحدة لديها خيارات محدودة ضد إيران، وأنه يريد في النهاية التوصل إلى اتفاق رغم حملته «لممارسة أقسى الضغوط»، وأضاف حسن: «هناك طريقة للسماح لإيران بتنفيذ انتقام رمزي، دون منحها انتصاراً سياسياً من خلال تقديمها كقوة ضد التطرف».
وفي خطابه، أعلن ترامب أيضاً أن تنظيم «داعش» قد هُزم «بنسبة 100%»، حتى وإن كان قد ناشد إيران بالعمل مع الولايات المتحدة في المعركة ضد التنظيم الإرهابي! إنه تأكيد ذكره من قبل، ودحضه مسؤولو الأمن الدوليين على نطاق واسع.
لقد تم طرد تنظيم «داعش» إلى حد كبير من العراق وسوريا، لكنه ما زال يحتفظ بوجودٍ له في كلا البلدين، وقد نفّذ في الفترة الأخيرة هجمات في نيجيريا والصومال وغيرهما، وتشمل أنشطته الأخيرة غارة قاتلة على قاعدة عسكرية في النيجر، وتفجيراً انتحارياً على قاعدة عسكرية في بوركينا فاسو، وقتل جنديين فرنسي ومالي في مالي.
وقالت «ريتا كاتز»، المديرة التنفيذية لمجموعة «سايت» للاستخبارات: «في الأسبوعين الأخيرين وحدهما، ارتكبت داعش أعمالاً وحشية مروعة في غرب أفريقيا، بما في ذلك عمليات الإعدام لمسيحيين في نيجيريا»، ولا يزال المتطرفون الذين ألهمتهم «داعش» قادرين على مهاجمة الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك حلفائها ومصالحها في أوروبا.
ومن خلال أحد التطبيقات الذكية، زعم عضو في تنظيم «داعش»، يُطلق عليه «أبو مصعب»، أن قول ترامب بأن التنظيم قد هُزم كان «مجرد تمنِ»، وأن أنشطة الميليشيات الشيعية وسلوكها في العراق هو ما أبرز التنظيم في المقام الأول، وأضاف الإرهابي المذكور أن «ترامب قدّم لنا خدمة كبيرة، من خلال الإشارة إلى التعاون مع إيران ضدنا في خطابه».
*صحفية متخصصة في شؤون الأمن القومي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»