أعلن وزير الدفاع الأميركي «مارك إسبر» أن تهديد تركيا بإغلاق اثنين من المنشآت الحيوية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) إذا فُرضت عليها عقوبات، بسبب تعزيز علاقاتها العسكرية بروسيا، يثير الشكوك بشأن التزام البلاد تجاه الحلف الغربي. وأشار إسبر إلى أن تركيا وضعت نفسها على طريق الصدام مع الحلف، بعد يوم من تحذير الرئيس رجب طيب أردوغان من رد مقابل، إذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات، بسبب شراء تركيا نظاماً صاروخياً روسياً. وذكر موقع وزارة الدفاع على الإنترنت، أن إسبر صرح للصحفيين، على متن طائرته، يوم الاثنين الماضي، قائلاً: «هذا شيء سيتعين على التحالف مناقشته إذا كان الأتراك جادون بهذا الشأن».
وينفي أردوغان أن بلاده - وهي ثاني أكبر جيش في الناتو- تنسحب من التحالف، وأكد أن شراء الأسلحة من روسيا لا يضعف دورها كعضو. لكن البعض في الحلف لا يرون الأمر هكذا، خاصة في ظل اعتزام تركيا التوقيع على اتفاق مع روسيا على التعاون لإنتاج صواريخ والحصول على المعرفة الفنية لتطوير أنظمتها الدفاعية. وتمثل هذه التطورات أحدث تحدٍ للتكتل الذي صمد أمام أوقات عصيبة على مدار بضعة عقود.
وخلال القرن الماضي، مثّلت تركيا- بموقعها الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا- حصناً أمام الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة. لكن أعضاء حلف شمال الأطلسي عبروا عن مخاوف بشأن تطوير علاقات تركيا العسكرية بروسيا. ولم توافق أنقرة، الشهر الماضي، على دعم خطط التحالف للدفاع عن دول البلطيق، إلا بعد أن تلقت تأكيدات بأن القوات الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة ستُصنف باعتبارها تهديداً لتركيا. وتفاقم المأزق مع تهديد أردوغان بإغلاق محطة رادار للتحذير المبكر في كورجيك وقاعدة انجيرليك الجوية، التي استخدمها البنتاجون لتخزين أسلحة نووية تكتيكية وفي توجيه ضربات ضد «داعش».
وفي إشارة إلى صفقة الصواريخ الروسية من طراز إس-400 والالتزام بخطط «الناتو» للدفاع عن أوروبا، صرح «إسبر» قائلاً: «القضية هنا، مرة أخرى، تتعلق بتوجه تركيا نحو الناتو». وأكد «إسبر» على حق تركيا في تقرير إذا ما كانت تريد إيواء قواعد «ناتو» أو قوات أجنبية. وأضاف إسبر: «أعتقد أن هذا أصبح شأناً يتعلق بالتحالف والالتزام تجاهه».
وتركيا لا يردعها، في ما يبدو، احتمال فرض عقوبات أميركية عليها، وتعتزم الحصول على مفرزة أخرى من صواريخ إس-400 والمضي قدماً في اتفاق مشترك يمكنها من إنتاج صواريخها الباليستية المتقدمة. ويوم الجمعة الماضي، أكد «إسماعيل دمير» وكيل وزارة الدفاع للصناعات الدفاعية أن هناك اتفاقاً يوشك أن يُبرم.
والاتفاق مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يعكس رغبة أنقرة في تزايد استقلال دورها في السياسات الإقليمية، في وقت تشهد فيه انتقال القوة بعيداً عن الولايات المتحدة وأوروبا، وأيضاً مع اعتمادها على الدعم الروسي في سوريا وفي إمداداتها من الغاز الطبيعي. ومن المخاوف الأميركية المحورية أن نظام إس-400 يمكن استخدامه في جمع معلومات استخباراتية بشأن القدرات التجسسية للطائرة الأميركية المقاتلة إف-35، التي أنتجتها شركة «لوكهيد مارتن»، والتي ساعدت تركيا في بنائها وتريد شراءها.
وامتنع دونالد ترامب، حتى الآن، عن استخدام تشريع يسمح بفرض عقوبات على أي دولة تبرم صفقات كبيرة من الأسلحة مع روسيا. لكن لجنة في مجلس الشيوخ أقرت، في الآونة الأخيرة، مشروع قانون يتضمن بنداً لتطبيق التشريع الذي قد يجمد أصولاً تركية، ويقيد تأشيرات الدخول للولايات المتحدة، ويقيد إمكانية الحصول على ائتمان كوسيلة للعقاب. وهذا قد يؤدي إلى المزيد من المشكلات لاقتصاد تركيا.
ويعتقد أردوغان أن الحلفاء الغربيين لتركيا تقاعسوا عن تقديم الدفاع الضروري لبلاده ضد التهديدات الصاروخية من إيران والعراق وسوريا. ويؤكد على أن صواريخ إس-400 تمثل جزءاً بالفعل من ترسانة تركيا، وأنه قد يجد مع ترامب أرضية مشتركة تمكن أنقرة من إضافة صواريخ باتريوت الأميركية إلى ترسانتها. لكن لم يتضح مدى سماح المشرعين الأميركيين بهذا البيع.
وتجاوزت تركيا والولايات المتحدة جولات سابقة من الصدام، بما في ذلك حين رفضت أنقرة استضافة قوات أميركية لغزو العراق عام 2003. وهناك مخاوف من استحالة إصلاح الضرر الذي قد يلحق بالعلاقات هذه المرة بين البلدين. لكن المخاطر عالية، وهذا قد يحض على توخي الحذر. فالولايات المتحدة ستغامر بفقدان شريك حيوي في الشرق الأوسط المضطرب، بينما قد تخسر تركيا أقوى حليف غربي ومورد أساسي للأسلحة.
سلجان حاج أوغلو: صحفي وباحث تركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
وينفي أردوغان أن بلاده - وهي ثاني أكبر جيش في الناتو- تنسحب من التحالف، وأكد أن شراء الأسلحة من روسيا لا يضعف دورها كعضو. لكن البعض في الحلف لا يرون الأمر هكذا، خاصة في ظل اعتزام تركيا التوقيع على اتفاق مع روسيا على التعاون لإنتاج صواريخ والحصول على المعرفة الفنية لتطوير أنظمتها الدفاعية. وتمثل هذه التطورات أحدث تحدٍ للتكتل الذي صمد أمام أوقات عصيبة على مدار بضعة عقود.
وخلال القرن الماضي، مثّلت تركيا- بموقعها الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا- حصناً أمام الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة. لكن أعضاء حلف شمال الأطلسي عبروا عن مخاوف بشأن تطوير علاقات تركيا العسكرية بروسيا. ولم توافق أنقرة، الشهر الماضي، على دعم خطط التحالف للدفاع عن دول البلطيق، إلا بعد أن تلقت تأكيدات بأن القوات الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة ستُصنف باعتبارها تهديداً لتركيا. وتفاقم المأزق مع تهديد أردوغان بإغلاق محطة رادار للتحذير المبكر في كورجيك وقاعدة انجيرليك الجوية، التي استخدمها البنتاجون لتخزين أسلحة نووية تكتيكية وفي توجيه ضربات ضد «داعش».
وفي إشارة إلى صفقة الصواريخ الروسية من طراز إس-400 والالتزام بخطط «الناتو» للدفاع عن أوروبا، صرح «إسبر» قائلاً: «القضية هنا، مرة أخرى، تتعلق بتوجه تركيا نحو الناتو». وأكد «إسبر» على حق تركيا في تقرير إذا ما كانت تريد إيواء قواعد «ناتو» أو قوات أجنبية. وأضاف إسبر: «أعتقد أن هذا أصبح شأناً يتعلق بالتحالف والالتزام تجاهه».
وتركيا لا يردعها، في ما يبدو، احتمال فرض عقوبات أميركية عليها، وتعتزم الحصول على مفرزة أخرى من صواريخ إس-400 والمضي قدماً في اتفاق مشترك يمكنها من إنتاج صواريخها الباليستية المتقدمة. ويوم الجمعة الماضي، أكد «إسماعيل دمير» وكيل وزارة الدفاع للصناعات الدفاعية أن هناك اتفاقاً يوشك أن يُبرم.
والاتفاق مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يعكس رغبة أنقرة في تزايد استقلال دورها في السياسات الإقليمية، في وقت تشهد فيه انتقال القوة بعيداً عن الولايات المتحدة وأوروبا، وأيضاً مع اعتمادها على الدعم الروسي في سوريا وفي إمداداتها من الغاز الطبيعي. ومن المخاوف الأميركية المحورية أن نظام إس-400 يمكن استخدامه في جمع معلومات استخباراتية بشأن القدرات التجسسية للطائرة الأميركية المقاتلة إف-35، التي أنتجتها شركة «لوكهيد مارتن»، والتي ساعدت تركيا في بنائها وتريد شراءها.
وامتنع دونالد ترامب، حتى الآن، عن استخدام تشريع يسمح بفرض عقوبات على أي دولة تبرم صفقات كبيرة من الأسلحة مع روسيا. لكن لجنة في مجلس الشيوخ أقرت، في الآونة الأخيرة، مشروع قانون يتضمن بنداً لتطبيق التشريع الذي قد يجمد أصولاً تركية، ويقيد تأشيرات الدخول للولايات المتحدة، ويقيد إمكانية الحصول على ائتمان كوسيلة للعقاب. وهذا قد يؤدي إلى المزيد من المشكلات لاقتصاد تركيا.
ويعتقد أردوغان أن الحلفاء الغربيين لتركيا تقاعسوا عن تقديم الدفاع الضروري لبلاده ضد التهديدات الصاروخية من إيران والعراق وسوريا. ويؤكد على أن صواريخ إس-400 تمثل جزءاً بالفعل من ترسانة تركيا، وأنه قد يجد مع ترامب أرضية مشتركة تمكن أنقرة من إضافة صواريخ باتريوت الأميركية إلى ترسانتها. لكن لم يتضح مدى سماح المشرعين الأميركيين بهذا البيع.
وتجاوزت تركيا والولايات المتحدة جولات سابقة من الصدام، بما في ذلك حين رفضت أنقرة استضافة قوات أميركية لغزو العراق عام 2003. وهناك مخاوف من استحالة إصلاح الضرر الذي قد يلحق بالعلاقات هذه المرة بين البلدين. لكن المخاطر عالية، وهذا قد يحض على توخي الحذر. فالولايات المتحدة ستغامر بفقدان شريك حيوي في الشرق الأوسط المضطرب، بينما قد تخسر تركيا أقوى حليف غربي ومورد أساسي للأسلحة.
سلجان حاج أوغلو: صحفي وباحث تركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»