يصوت مجلس الشيوخ في الأيام القليلة المقبلة على ميزانية الرئيس ترامب للجيش، والتي تتضمن زيادة هائلة في الإنفاق على الدفاع. وشخصياً، أعارض بشدة هذا التشريع، كما عارضت كل ميزانيات ترامب العسكرية السابقة. فقد حان وقت تغيير أولوياتنا القومية بعد أن أصبحت لدينا مستويات هائلة من التفاوت في الدخل والثروة، وفي الوقت الذي يجد فيه نصف الشعب الأميركي صعوبة في العيش اعتماداً على ما يحصلون عليه من أجر، وحين يكون هناك أكثر من نصف مليون أميركي بلا مأوى، وحين تجد المدارس العامة على امتداد البلاد صعوبة في دفع رواتب للمدرسين تمكنهم من عيش حياة كريمة. لقد حان وقت الاستثمار في الأسر العاملة لهذه البلاد، وليس في ميزانيات عسكرية متضخمة.
وأرى أنه من المثير للسخرية أن يُطرح علينا سؤال لا يتغير وهو: «كيف سنغطي الكلفة؟»، حين أتقدم وآخرون من أعضاء الكونجرس التقدميين بتشريع لتلبية كثير من الحاجات التي لم تلب للعمال وكبار السن والأطفال والمرضى والفقراء. بينما نادراً ما نسمع هذا السؤال إذا ما تعلّق الأمر بالزيادة الكبيرة في الإنفاق العسكري، وتقليص الضرائب على أصحاب المليارات، أو الدعم الهائل لصناعة الوقود الأحفوري. ورغم واقع أن 87 مليون أميركي بغير تأمين صحي أو بتأمين صحي ناقص، تخبرنا المؤسسة الحاكمة كل يوم أنه لا يمكننا الالتحاق بباقي دول العالم الصناعي في مسألة التكفل بالرعاية الصحية للجميع، كحق من حقوق الإنسان، من خلال برنامج «ميديكير» وعبر نظام ممول حكومياً.
ورغم أن نحو نصف الأميركيين الأكبر سناً ليس لديهم مدخرات للتقاعد، و20% من المواطنين الأميركيين المتقاعدين يجدون صعوبة في العيش على دخل أقل من 13500 دولار سنوياً، تخبرنا بعض النخب أنه ينبغي تقليص التأمين الاجتماعي. وبينما هناك مئات الآلاف من الشباب الأميركيين الأذكياء غير قادرين على الالتحاق بالجامعة بسبب الكلفة الفائقة، ورغم غرق ملايين الأميركيين في ديون الطلبة.. يتم إخبارنا بأننا لا نستطيع تحمل مجانية الرسوم الدراسية في المعاهد العلمية العامة والجامعات العامة أو تحمل إلغاء ديون الطلاب. وفي وقت تدفع فيه 18 مليون أسرة أكثر من نصف دخولها المحدودة على السكن، يجري إخبارنا بأننا لا نستطيع تحمل عبء ضمان مكان مناسب للعيش لصالح الجميع في الولايات المتحدة، ولا رعاية ميسورة للأطفال، ولا فرصة عمل توفر أجراً كافياً لأعباء الحياة بمزايا معقولة.
لكن حين يتعلق الأمر بإعطاء البنتاجون 738 مليار دولار - وهو مبلغ أكبر مما طلبه - يسود صمت يصيب بالصمم في الكونجرس وفي النخب الحاكمة، بشأن ما تستطيع ولا تسطيع أمتنا تحمل كلفته. والكونجرس سيجيز فحسب ويخصص كل هذا المال دون طرح أي أسئلة. لقد وجدت أنه من المثير للفضول حقاً، أن عدداً قليلا من «صقور العجز في الموازنة» يسألون ما إذا كان من الحصافة المالية أن ننفق من المال على الدفاع أكثر مما تنفقه جميع الدول العشرة التالية لنا في الإنفاق العسكري. ثم لم يجر إلا القليل من النقاش عن سبب كون البنتاجون هو الوكالة الحكومية الكبيرة الوحيدة التي لم تخضع لتدقيق مستقل، رغم امتلاء البنتاجون بالتلاعب والكلفة المبالغ فيها وتحديد الأسعار من الشركات.
وحين أتحدث عن تغيير الأولويات القومية، فإني أقصد أن هناك زيادة تبلغ 120 مليار دولار في إنفاق البنتاجون، مقارنة بالعام الأخير في رئاسة أوباما. وهذه الأموال كان من الممكن أن تجعل كل معهد عالي عامٍ وكل جامعة عامة وكل مدرسة لتعلم الحرف وكل برنامج للتدريب الحرفي في الولايات المتحدة.. كلها مجانية الرسوم. وكان من الممكن أن يوفر هذا المبلغ مساكن للذين بلا مأوى، ووجبات لكل طفل في المدارس العامة في البلاد. وقد فاتنا الوقت منذ فترة طويلة، كي نلقي نظرة مدققة على الإنفاق العسكري، بما في ذلك الحرب على الإرهاب، إذ ليس من المعقول أن ننفق تريليونات الدولارات على حروب بلا نهاية تتسبب في مشكلات أكثر مما تحل من مشكلات!
ولكم أن تصفوني بالراديكالية، لكن ربما قبل تمويل قوة فضاء جديدة، يجب أن نضمن ألا يفلس أميركي بسبب النفقات الطبية أو يموت لأنه لا يستطيع زيارة الطبيب في الوقت الملائم. ومشروع قانون ميزانية الدفاع الهائلة مثال آخر فحسب على نفاق صقور الموازنة في الكونجرس وداعميهم من نخب الشركات. أين كان هؤلاء الساسة ممن يريد كثيرون منهم تقليص إعانات الطعام والإسكان الميسور، حين أقر الكونجرس مشروع قانون للضرائب قدم أكثر من تريليون دولار في صورة خفض للضرائب لأكثر الأشخاص ثراءً في البلاد وأكثر الشركات الأميركية تحقيقاً للربح؟ ونتيجة المنحة الضريبية التي وهبها ترامب للأثرياء، يدفع أصحاب المليارات الآن ضرائب بمعدل أقل من 90% من الأميركيين الأقل ثراء. والشركات الكبرى مثل «أمازون» و«جنرال موتورز» و«فيديكس» و«إيلي ليلي» و«آي. بي. إم.».. لا تدفع شيئاً في صورة ضرائب دخل اتحادية، رغم أنها تحقق أرباحاً بالمليارات.
إنني أخوض السباق على الرئاسة لأنه حان وقت تقديم نسخة جديدة من أميركا ونمط جديد من الأولويات الأميركية. وبدلاً عن الإنفاق الهائل على ميزانية عسكرية متضخمة، وتقليص الضرائب على أصحاب المليارات، والدعم الضخم لصناعة الوقود الأحفوري.. بدلاً عن ذلك، يتعين علينا الاستثمار في الأسر العاملة لهذه البلاد وحماية أكثر الأشخاص ضعفاً أمام الظروف المتقلبة. إننا نريد حكومة تمثلنا جميعاً، وليس فقط نخب الشركات.
*سيناتور ولاية فيرمونت الأميركية والمتسابق على ترشيح «الحزب الديمقراطي» لخوض الانتخابات الرئاسية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»