منذ أن انكشفت فضيحة أوكرانيا في سبتمبر الماضي، بدأت القصة: الرئيس دونالد ترامب كان يستخدم الرئيس الأوكراني من أجل التأثير على الحياة السياسية الأميركية. والأسبوع الماضي، ظهرت قصة جديدة: المدعي العام الأوكراني كان يحاول استخدام ترامب من أجل التأثير على الحياة السياسية الأوكرانية.
في القصة الأولى، كان ترامب هو المحرض على صفقة فاسدة، إذ حاول استخدام الرئيس الأوكراني الجديد في خطة تروم التأثير على انتخابات 2020 الرئاسية. هذه الرواية دعمها عددٌ من الشهود من حكومة ترامب نفسه، قائلين إن ترامب منع مساعدات عسكرية عن أوكرانيا إلى حين موافقتها على فتح تحقيق مع نائب الرئيس السابق جو بايدن وابنه.
القصة الأخرى استأثرت باهتمام أقل ولكنها تمثّل فضيحة كبيرة أيضا: مدع عام أوكراني حاول تجنيد مستشار مقرب من ترامب من أجل طرد سفيرة كانت تشكّل تهديدا لمنصبه ومكانته. القصة تدور حول قرار ترامب إنهاء عمل السفيرة الأميركية ماري يوفانوفيتش بشكل مبكر. وكانت هذه الأخيرة قد أُرسلت إلى كييف في 2016 وغادرت منصبها في مايو الماضي. الشهادات التي أُفرج عنها الأسبوع الماضي تشير إلى أن «يوفانوفيتش» تعرضت لحملة تشويه وطُردت لأن المدعي العام الأوكراني يوري لوتسينكو، الذي غادر منصبه في أغسطس، كان يسعى للانتقام منها.
في الشهادة التي أدلى بها أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، قال «جورج كِنت»، الخبير في الشؤون الأوكرانية بوزارة الخارجية الأميركية، إن («لوتسينكو» جنّد عمدة نيويورك السابق «رودي جولياني» في حملته ضد «يوفانوفيتش». ووفق «كِنت»، فإن «لوتسينكو» أمدّ جولياني بمعلومات عن يوفانوفيتش» على أمل أن ينشرها وتؤدي إلى تنحيتها).
وقال جولياني لصحيفة «نيويورك تايمز» إنه عندما التقى مع لوتسينكو الربيع الماضي في نيويورك، «لم يقل لي: لقد جئتُ إلى هنا من أجل طرد «يوفانوفيتش». ولكنه خمّن مع ذلك أن ذلك ما يريده «لوتسينكو». السؤال هو لماذا. ووفق «جولياني»، فإن «لوتسينكو» كان قد مُنع من إيصال معلوماته -- مثل ادعائه بأن «يوفانوفيتش» أعطته قائمة بأسماء أفراد لا ينبغي متابعتهم قضائيا -- إلى المسؤولين الأميركيين المناسبين. ولكن «يوفانوفيتش» وشهوداً آخرين نفوا هذا الادعاء، وقالت أيضاً إنها كانت تحثّ «لوتسينكو» على طلب اجتماعات مع مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل عبر الملحق القانوني للمكتب في كييف.
ولدى السفيرة تفسير بديل لرغبة لوتسينكو في طردها إذ قالت في شهادتها: «أعتقد أنه شعر بأنني والسفارة فعالين في مساعدة الأوكرانيين الذين يرغبون في الإصلاح». وقالت يوفانوفيتش إن لوتسينكو كان قد وعد في البداية بتطهير المكتب القوي للمدعي العام، قائلا إنه سيتابع الأشخاص الذين أطلقوا النار على المحتجين الذين أرغموا الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش على التنحي عن السلطة في 2014. كما وعد لوتسينكو بمحاولة استعادة أكثر من 40 مليار دولار سرقت من قبل يانوكوفيتش ورفاقه.
غير أنه مع مرور الوقت، تقول يوفانوفيتش، أثبت لوتسينكو أنه غير مستعد أو غير قادر على تحقيق تلك الأهداف في وقت كانت تضغط عليه من أجل القيام بذلك. وقالت: «واصلنا حثّه وأعتقد أنه كان مستاء من ذلك».
كل هذا يصبح أكثر إثارة للاهتمام في ضوء توجيه التهم الشهر الماضي لليف بارناس وإيجور فرومان، وهما أميركيان أوكرانيان، بخصوص مساهمات غير قانونية في الحملة الانتخابية لمرشحين «جمهوريين» عبر شركة واجهة. بارناس وظّف جولياني في شركة استشارات، وهذا الأسبوع أفادت مصادر بأن جولياني تلقى 500 ألف دولار كأجر عن دوره في الشركة من قبل متبرع «جمهوري» مقيم في لونج آيلند.
وتقول لائحة الاتهام الموجهة لبارناس وفرومان إنهما سعيا لاستخدام نفوذهما السياسي لخدمة مصالح مسؤول أجنبي، أفادت المصادر أنه لوتسينكو. ومن بين المستفيدين من تبرعاتهما السياسية النائب السابق «بيت سيشنز» من ولاية تكساس، الذي كان من بين أول من دعوا إلى طرد يوفانوفيتش.
وبالتالي، فيبدو أن ثمة مقايضتين على الأقل في فضيحة أوكرانيا. الأولى هي جهود ترامب الرامية إلى حمل أوكرانيا على التحقيق مع بايدن وابنه. والثانية هي جهود لوتسينكو لإقناع ترامب بطرد يوفانوفيتش. وجولياني في الوسط بين الاثنين. وتقول ألينا بولياكوفا، الخبيرة في الشؤون الأوكرانية بمؤسسة بروكينجز: «لقد كان يستخدم نفوذه لدى الرئيس لمحاولة الحصول لزبائنه على ما يريدون، وفي الوقت نفسه الحصول للرئيس على ما يريد».
جزء من هذا يُعزى إلى ضعف في القانون والسياسة الأميركيين. فالقانون الذي أنشأه الكونجرس لإجبار الأميركيين على تسجيل أنفسهم كعملاء أجانب عندما يمثّلون بلدا أجنبيا أو شركة أجنبية لم يطبق إلى حد كبير لخمسين عاما قبل تحقيق المستشار الخاص روبرت مولر. وفضلا عن ذلك، فإن ترامب لا يثق في الخبراء داخل حكومته، ويؤثِر الاعتماد على نصائح بعض الهواة في السياسة الخارجية مثل جولياني.
وأيا تكن نتيجة فضيحة أوكرانيا، فإنها كشفت عن مصدر سخرية مُرة: أن الجهود الأميركية الرسمية الرامية لجعل الحياة السياسية الأوكرانية أقل فساداً أعيقت من قبل حملة تهدف لجعل الحياة السياسية الأميركية أشبه بنظيرتها الأوكرانية!
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
في القصة الأولى، كان ترامب هو المحرض على صفقة فاسدة، إذ حاول استخدام الرئيس الأوكراني الجديد في خطة تروم التأثير على انتخابات 2020 الرئاسية. هذه الرواية دعمها عددٌ من الشهود من حكومة ترامب نفسه، قائلين إن ترامب منع مساعدات عسكرية عن أوكرانيا إلى حين موافقتها على فتح تحقيق مع نائب الرئيس السابق جو بايدن وابنه.
القصة الأخرى استأثرت باهتمام أقل ولكنها تمثّل فضيحة كبيرة أيضا: مدع عام أوكراني حاول تجنيد مستشار مقرب من ترامب من أجل طرد سفيرة كانت تشكّل تهديدا لمنصبه ومكانته. القصة تدور حول قرار ترامب إنهاء عمل السفيرة الأميركية ماري يوفانوفيتش بشكل مبكر. وكانت هذه الأخيرة قد أُرسلت إلى كييف في 2016 وغادرت منصبها في مايو الماضي. الشهادات التي أُفرج عنها الأسبوع الماضي تشير إلى أن «يوفانوفيتش» تعرضت لحملة تشويه وطُردت لأن المدعي العام الأوكراني يوري لوتسينكو، الذي غادر منصبه في أغسطس، كان يسعى للانتقام منها.
في الشهادة التي أدلى بها أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، قال «جورج كِنت»، الخبير في الشؤون الأوكرانية بوزارة الخارجية الأميركية، إن («لوتسينكو» جنّد عمدة نيويورك السابق «رودي جولياني» في حملته ضد «يوفانوفيتش». ووفق «كِنت»، فإن «لوتسينكو» أمدّ جولياني بمعلومات عن يوفانوفيتش» على أمل أن ينشرها وتؤدي إلى تنحيتها).
وقال جولياني لصحيفة «نيويورك تايمز» إنه عندما التقى مع لوتسينكو الربيع الماضي في نيويورك، «لم يقل لي: لقد جئتُ إلى هنا من أجل طرد «يوفانوفيتش». ولكنه خمّن مع ذلك أن ذلك ما يريده «لوتسينكو». السؤال هو لماذا. ووفق «جولياني»، فإن «لوتسينكو» كان قد مُنع من إيصال معلوماته -- مثل ادعائه بأن «يوفانوفيتش» أعطته قائمة بأسماء أفراد لا ينبغي متابعتهم قضائيا -- إلى المسؤولين الأميركيين المناسبين. ولكن «يوفانوفيتش» وشهوداً آخرين نفوا هذا الادعاء، وقالت أيضاً إنها كانت تحثّ «لوتسينكو» على طلب اجتماعات مع مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل عبر الملحق القانوني للمكتب في كييف.
ولدى السفيرة تفسير بديل لرغبة لوتسينكو في طردها إذ قالت في شهادتها: «أعتقد أنه شعر بأنني والسفارة فعالين في مساعدة الأوكرانيين الذين يرغبون في الإصلاح». وقالت يوفانوفيتش إن لوتسينكو كان قد وعد في البداية بتطهير المكتب القوي للمدعي العام، قائلا إنه سيتابع الأشخاص الذين أطلقوا النار على المحتجين الذين أرغموا الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش على التنحي عن السلطة في 2014. كما وعد لوتسينكو بمحاولة استعادة أكثر من 40 مليار دولار سرقت من قبل يانوكوفيتش ورفاقه.
غير أنه مع مرور الوقت، تقول يوفانوفيتش، أثبت لوتسينكو أنه غير مستعد أو غير قادر على تحقيق تلك الأهداف في وقت كانت تضغط عليه من أجل القيام بذلك. وقالت: «واصلنا حثّه وأعتقد أنه كان مستاء من ذلك».
كل هذا يصبح أكثر إثارة للاهتمام في ضوء توجيه التهم الشهر الماضي لليف بارناس وإيجور فرومان، وهما أميركيان أوكرانيان، بخصوص مساهمات غير قانونية في الحملة الانتخابية لمرشحين «جمهوريين» عبر شركة واجهة. بارناس وظّف جولياني في شركة استشارات، وهذا الأسبوع أفادت مصادر بأن جولياني تلقى 500 ألف دولار كأجر عن دوره في الشركة من قبل متبرع «جمهوري» مقيم في لونج آيلند.
وتقول لائحة الاتهام الموجهة لبارناس وفرومان إنهما سعيا لاستخدام نفوذهما السياسي لخدمة مصالح مسؤول أجنبي، أفادت المصادر أنه لوتسينكو. ومن بين المستفيدين من تبرعاتهما السياسية النائب السابق «بيت سيشنز» من ولاية تكساس، الذي كان من بين أول من دعوا إلى طرد يوفانوفيتش.
وبالتالي، فيبدو أن ثمة مقايضتين على الأقل في فضيحة أوكرانيا. الأولى هي جهود ترامب الرامية إلى حمل أوكرانيا على التحقيق مع بايدن وابنه. والثانية هي جهود لوتسينكو لإقناع ترامب بطرد يوفانوفيتش. وجولياني في الوسط بين الاثنين. وتقول ألينا بولياكوفا، الخبيرة في الشؤون الأوكرانية بمؤسسة بروكينجز: «لقد كان يستخدم نفوذه لدى الرئيس لمحاولة الحصول لزبائنه على ما يريدون، وفي الوقت نفسه الحصول للرئيس على ما يريد».
جزء من هذا يُعزى إلى ضعف في القانون والسياسة الأميركيين. فالقانون الذي أنشأه الكونجرس لإجبار الأميركيين على تسجيل أنفسهم كعملاء أجانب عندما يمثّلون بلدا أجنبيا أو شركة أجنبية لم يطبق إلى حد كبير لخمسين عاما قبل تحقيق المستشار الخاص روبرت مولر. وفضلا عن ذلك، فإن ترامب لا يثق في الخبراء داخل حكومته، ويؤثِر الاعتماد على نصائح بعض الهواة في السياسة الخارجية مثل جولياني.
وأيا تكن نتيجة فضيحة أوكرانيا، فإنها كشفت عن مصدر سخرية مُرة: أن الجهود الأميركية الرسمية الرامية لجعل الحياة السياسية الأوكرانية أقل فساداً أعيقت من قبل حملة تهدف لجعل الحياة السياسية الأميركية أشبه بنظيرتها الأوكرانية!
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»