في الوضع المضطرب الذي تمر به المنطقة العربية، هناك بعض الإضاءات، خاصة في استكشاف العالم الجديد علمياً -ولنكرر علمياً- حتى نستعد له بأنجح أسلوب، كما حدث قبل أيام من الآن في ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس.. فما هو سر هذا النجاح؟ وكيف نكرره في مجالات أخرى حتى نستعد للجديد؟
إن من أهم عناصر العولمة، والتي لا يتم تحليلها بما فيه الكفاية، ركيزتها المتمثلة في مجتمع المعرفة وما يتسم به من سرعة في تداول المعلومات. ولعل أوضح المؤشرات على «ركيزة المعرفة» هذه، هو انتشار ما يعرف باسم قلاع أو بنوك الفكر think tanks. وكما تشير هذه التسمية الإنجليزية، فإن أصول هذه الظاهرة عسكرية في المقام الأول، حيث يتم التركيز على جمع المعلومة وتخزينها ثم استعمالها بدقة. ومن هنا يأتي انتشار هذه البنوك في جميع أنحاء المعمورة وبوتيرة متسارعة.. فيما لا تزال معظم المنطقة العربية بطيئة في اللحاق بهذا الركب، مع استثناءات قليلة بالطبع.
أحد هذه الاستثناءات «مركز الإمارات للسياسات» ومناظراته الاستراتيجية السنوية، والتي كان آخرها ملتقاه السادس المنظم بين يومي الـ9 والـ11 من شهر نوفمبر الجاري. فعلى مدى يومين وعشر جلسات، تحدث حوالي 40 متحدثاً وشارك في النقاش حوالي 550 مشاركاً من جميع أنحاء المعمورة، معظمهم ذوو سمعة دولية معروفة، سواء أكانوا عرباً أم أجانب.
بداية المنتدى كانت حول مكانة القوة العسكرية، لكنها اشتملت على معلومات ومقولات غير متوقعة ويجب لفت النظر إليها. ومن ذلك مثلاً أن النفقات العسكرية العالمية حالياً تفوق ما كان يتم إنفاقه أثناء الحرب الباردة والنزاع بين الكتلتين، أي أثناء ذروة الصراع العالمي في النصف الثاني من القرن العشرين. مقولة أخرى هامة أيضاً، وهي أن زيادة النفقات العسكرية لا تُترجم إلى مزيد من الأمن، وبالتالي ينبغي إعادة النظر في هذه المعادلة الشائعة.
وبالطبع كانت هناك جلسات عن المال والاقتصاد، والطاقة ولاعبيها في الشرق الأوسط، وعن تركيا وخسارة اللعبة، وإسرائيل وصياغة قواعد اللعبة، وعن العراق الذي يُغَيِّر قواعد اللعبة، ومصر بوصفها رهان اللعبة، ثم عن سوريا التي هي حالياً ملعب ذو أهمية.
وفي رأيي، أن خصوصية هذا الملتقى في نسخته السادسة تمثلت في لفت النظر إلى أحد أهم ما وصلت إليه العولمة، أي الذكاء الاصطناعي وتوزع القدرات السِّبرانية، وذلك ما نلاحظه في المجال الاستراتيجي العسكري عندما نناقش موضوع الطائرات المسيرة بدون طيار، والحديث عن الأمن السيبراني الذي يثبت أن الحرب كانت دائماً تكنولوجية، لكن هذه الخاصية التكنولوجية تصبح أهم سمة للعقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.
ولتأكيد أهمية لفت النظر إلى حيوية هذا الذكاء الاصطناعي، انتقلنا من الجلسة الثالثة في عموميتها إلى الجلسة الخامسة في خصوصيتها، وكان موضوعها السياسات الإماراتية في العصر الجديد وأساسه الذكاء الاصطناعي، وكان الموضوع الوحيد الذي حاز على جلستين منفصلتين، عن جدارة واستحقاق.
ورغم أني ما زلت أتعلم الكثير من مثل هذه الملتقيات الجادة، سواء في منطقتنا أم في الخارج، فإن هاتين الجلستين تجاوزتا العموميات وفاقتا توقعاتي. وقد عرفتُ لأول مرة أنه توجد في حكومة دولة الإمارات وزارة للذكاء الاصطناعي، إلى جانب وزارة للسعادة وأخرى للتسامح.. وذلك ضمن سلسلة متواصلة من ريادات الإمارات. أما المفاجأة الأخرى في هذه الجلسة فكانت المتحدث نفسه، أي وزير الدولة للذكاء الاصطناعي معالي عمر بن سلطان العلماء. وهو لقب ينطبق عليه بالكامل، فكفاءته العلمية تظهر بوضوح في إجاباته على الأسئلة المتعددة من جانب المشاركين، عرباً وأجانب، وتنقله في الحديث من اللغة العربية إلى الإنجليزية بسلاسة تثير الإعجاب. وإذا كان هذا فعلاً «الجيل العربي الجديد»، فهنيئاً للإمارات والمنطقة العربية، لأن مثل هذا النمط الجديد يبعث على التفاؤل بالمستقبل.
وإضافة لهذه الموضوعات الجديدة والمتحدثين الأكفاء حولها، فإن ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس لم يكن ملتقى عادياً، لكنه كان فاعلاً كذلك فيما يجب أن ننظر إليه ضمن تطور الاستراتيجية العالمية حول هذا «العالم الجديد». ولم تكن هذه الإضافة بديلاً عن سمات التميز التي حافظ عليها هذا التجمع العلمي الدوري، وأولها التفاعل بين الأكاديميين والإعلاميين وصانعي السياسات، حيث يتعلّم الجميع من تبادل الخبرة وثراء المناقشة.
إن من أهم عناصر العولمة، والتي لا يتم تحليلها بما فيه الكفاية، ركيزتها المتمثلة في مجتمع المعرفة وما يتسم به من سرعة في تداول المعلومات. ولعل أوضح المؤشرات على «ركيزة المعرفة» هذه، هو انتشار ما يعرف باسم قلاع أو بنوك الفكر think tanks. وكما تشير هذه التسمية الإنجليزية، فإن أصول هذه الظاهرة عسكرية في المقام الأول، حيث يتم التركيز على جمع المعلومة وتخزينها ثم استعمالها بدقة. ومن هنا يأتي انتشار هذه البنوك في جميع أنحاء المعمورة وبوتيرة متسارعة.. فيما لا تزال معظم المنطقة العربية بطيئة في اللحاق بهذا الركب، مع استثناءات قليلة بالطبع.
أحد هذه الاستثناءات «مركز الإمارات للسياسات» ومناظراته الاستراتيجية السنوية، والتي كان آخرها ملتقاه السادس المنظم بين يومي الـ9 والـ11 من شهر نوفمبر الجاري. فعلى مدى يومين وعشر جلسات، تحدث حوالي 40 متحدثاً وشارك في النقاش حوالي 550 مشاركاً من جميع أنحاء المعمورة، معظمهم ذوو سمعة دولية معروفة، سواء أكانوا عرباً أم أجانب.
بداية المنتدى كانت حول مكانة القوة العسكرية، لكنها اشتملت على معلومات ومقولات غير متوقعة ويجب لفت النظر إليها. ومن ذلك مثلاً أن النفقات العسكرية العالمية حالياً تفوق ما كان يتم إنفاقه أثناء الحرب الباردة والنزاع بين الكتلتين، أي أثناء ذروة الصراع العالمي في النصف الثاني من القرن العشرين. مقولة أخرى هامة أيضاً، وهي أن زيادة النفقات العسكرية لا تُترجم إلى مزيد من الأمن، وبالتالي ينبغي إعادة النظر في هذه المعادلة الشائعة.
وبالطبع كانت هناك جلسات عن المال والاقتصاد، والطاقة ولاعبيها في الشرق الأوسط، وعن تركيا وخسارة اللعبة، وإسرائيل وصياغة قواعد اللعبة، وعن العراق الذي يُغَيِّر قواعد اللعبة، ومصر بوصفها رهان اللعبة، ثم عن سوريا التي هي حالياً ملعب ذو أهمية.
وفي رأيي، أن خصوصية هذا الملتقى في نسخته السادسة تمثلت في لفت النظر إلى أحد أهم ما وصلت إليه العولمة، أي الذكاء الاصطناعي وتوزع القدرات السِّبرانية، وذلك ما نلاحظه في المجال الاستراتيجي العسكري عندما نناقش موضوع الطائرات المسيرة بدون طيار، والحديث عن الأمن السيبراني الذي يثبت أن الحرب كانت دائماً تكنولوجية، لكن هذه الخاصية التكنولوجية تصبح أهم سمة للعقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.
ولتأكيد أهمية لفت النظر إلى حيوية هذا الذكاء الاصطناعي، انتقلنا من الجلسة الثالثة في عموميتها إلى الجلسة الخامسة في خصوصيتها، وكان موضوعها السياسات الإماراتية في العصر الجديد وأساسه الذكاء الاصطناعي، وكان الموضوع الوحيد الذي حاز على جلستين منفصلتين، عن جدارة واستحقاق.
ورغم أني ما زلت أتعلم الكثير من مثل هذه الملتقيات الجادة، سواء في منطقتنا أم في الخارج، فإن هاتين الجلستين تجاوزتا العموميات وفاقتا توقعاتي. وقد عرفتُ لأول مرة أنه توجد في حكومة دولة الإمارات وزارة للذكاء الاصطناعي، إلى جانب وزارة للسعادة وأخرى للتسامح.. وذلك ضمن سلسلة متواصلة من ريادات الإمارات. أما المفاجأة الأخرى في هذه الجلسة فكانت المتحدث نفسه، أي وزير الدولة للذكاء الاصطناعي معالي عمر بن سلطان العلماء. وهو لقب ينطبق عليه بالكامل، فكفاءته العلمية تظهر بوضوح في إجاباته على الأسئلة المتعددة من جانب المشاركين، عرباً وأجانب، وتنقله في الحديث من اللغة العربية إلى الإنجليزية بسلاسة تثير الإعجاب. وإذا كان هذا فعلاً «الجيل العربي الجديد»، فهنيئاً للإمارات والمنطقة العربية، لأن مثل هذا النمط الجديد يبعث على التفاؤل بالمستقبل.
وإضافة لهذه الموضوعات الجديدة والمتحدثين الأكفاء حولها، فإن ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السادس لم يكن ملتقى عادياً، لكنه كان فاعلاً كذلك فيما يجب أن ننظر إليه ضمن تطور الاستراتيجية العالمية حول هذا «العالم الجديد». ولم تكن هذه الإضافة بديلاً عن سمات التميز التي حافظ عليها هذا التجمع العلمي الدوري، وأولها التفاعل بين الأكاديميين والإعلاميين وصانعي السياسات، حيث يتعلّم الجميع من تبادل الخبرة وثراء المناقشة.