منذ اثنين وأربعين عاماً، وفي مساء يوم 20 نوفمبر 1977، وقف الرئيس المصري محمد أنور السادات على منصة الكنيست ليلقي خطاباً أثبت به قدرته الفذة على إزالة المقاومة الإسرائيلية للسلام وما يتطلبه من إعادة الأرض العربية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1973.
وفي تقديري أن هذه الخطوة الاستثنائية غير المتوقعة وغير المسبوقة لم يكن يستطيع القيام بها إلا مناضل واثق من نفسه ومستعد للتضحيات الكبيرة من أجل وطنه وأمته مثل السادات بشخصيته الجسورة التي دفعته في الأربعينيات أثناء الحرب العالمية الثانية إلى المخاطرة بمقاومة الاحتلال البريطاني لمصر، ففقد وظيفته كضابط بالجيش.
استطاع السادات بهذه الزيارة التي يمكن إدراجها بمفردات اليوم في خانة التطبيع السابق على الاتفاق السياسي، أن يحقق إنجازاً ضخماً بتحطيم حواجز عديدة كانت تمنع الإسرائيليين من الاستجابة لنداءات السلام والانسحاب من الأرض العربية المحتلة، وكانت أهم هذه الحواجز تتمثل في أمرين، الأول أطماع التوسع الإسرائيلية في الأرض العربية في سيناء والجولان والضفة الغربية. والثاني مخاوف الشخصية اليهودية من الأغراب أي غير اليهود وتصويرهم للعداء العربي على أنه امتداد لمشاعر معاداة السامية التي كانت سائدة في أوروبا.
بعد كل هذه السنوات، وبعد أن رحل هذا الرجل وأصبح جزءاً من التاريخ، أعتقد أن الإنصاف يقتضينا أن نعترف بأن إنجازه الضخم بتحرير سيناء بالنضال السياسي وبالمفاوضات في ذلك الوقت كان يمكن أن يكون أضخم لينتهي بتحرير الجولان والضفة الغربية، لو أن الرئيس السوري حافظ الأسد والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات قد تفهما خطوته الجسورة ومدا يدهما له. كما أن الإنصاف يقتضينا أن نعتذر له عن سوء الظنون وأشكال التجريح التي صدرت ضده من حكام العراق وليبيا وسوريا في ذلك الوقت.
آنذاك كانت تتغلب على أولئك القادة العقلية الثورية والحماسية، ومن ثم كانوا بعيدين عن فنون وقواعد التفكير السياسي الرشيد وغير مدركين لموازين القوى الدولية التي أقامت إسرائيل عام 1948 أصلا بمشاركة من أهم القوى الكبرى، وهي الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبريطانيا، والتي تدخل بعضها في حرب 1973 تدخلا صريحاً من خلال الجسر الجوي الأميركي.
لقد شنوا على السادات حملة قاسية وأثاروا حول خطوته غباراً كثيفاً حجب الرؤية الصافية ومنع العرب من انتهاز الفرصة لتحرير جميع الأراضي المحتلة وإرساء سلام شامل في ظرف دولي كان مواتياً وهو ظرف الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.
لقد أنهى خطاب السادات الجمود السياسي الذي فرضه الإسرائيليون بدعم أميركي بعد حرب 1973 وزلزل المفاهيم التوسعية التي كانت مزروعة في عقل مناحيم بيجن مؤسس حزب «ليكود» صاحب العقلية المتطرفة والذي أطلق في عام 1967 مقولة: «إن سيناء جزء عضوي من أرض إسرائيل سأتخذ فيها مرقدي الأبدي وأبني فيها قبري».
كان الرئيس السادات هو ذلك المقاتل العربي المحنك الذي أدار معركة أكتوبر العسكرية عام 1973 بنجاح، بالتعاون مع أقرانه من الزعماء العرب العظام مثل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والمغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، لكنه قرر أن يتحمل بمفرده عبء مغامرة سياسية محفوفة بالمخاطر عندما قرر خوض النضال السياسي الجسور بزيارة إسرائيل، ليتوصل إلى الاتفاق السياسي الذي يحرر الأرض. لقد آن الأوان لرد الاعتبار لهذا الزعيم.
وفي تقديري أن هذه الخطوة الاستثنائية غير المتوقعة وغير المسبوقة لم يكن يستطيع القيام بها إلا مناضل واثق من نفسه ومستعد للتضحيات الكبيرة من أجل وطنه وأمته مثل السادات بشخصيته الجسورة التي دفعته في الأربعينيات أثناء الحرب العالمية الثانية إلى المخاطرة بمقاومة الاحتلال البريطاني لمصر، ففقد وظيفته كضابط بالجيش.
استطاع السادات بهذه الزيارة التي يمكن إدراجها بمفردات اليوم في خانة التطبيع السابق على الاتفاق السياسي، أن يحقق إنجازاً ضخماً بتحطيم حواجز عديدة كانت تمنع الإسرائيليين من الاستجابة لنداءات السلام والانسحاب من الأرض العربية المحتلة، وكانت أهم هذه الحواجز تتمثل في أمرين، الأول أطماع التوسع الإسرائيلية في الأرض العربية في سيناء والجولان والضفة الغربية. والثاني مخاوف الشخصية اليهودية من الأغراب أي غير اليهود وتصويرهم للعداء العربي على أنه امتداد لمشاعر معاداة السامية التي كانت سائدة في أوروبا.
بعد كل هذه السنوات، وبعد أن رحل هذا الرجل وأصبح جزءاً من التاريخ، أعتقد أن الإنصاف يقتضينا أن نعترف بأن إنجازه الضخم بتحرير سيناء بالنضال السياسي وبالمفاوضات في ذلك الوقت كان يمكن أن يكون أضخم لينتهي بتحرير الجولان والضفة الغربية، لو أن الرئيس السوري حافظ الأسد والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات قد تفهما خطوته الجسورة ومدا يدهما له. كما أن الإنصاف يقتضينا أن نعتذر له عن سوء الظنون وأشكال التجريح التي صدرت ضده من حكام العراق وليبيا وسوريا في ذلك الوقت.
آنذاك كانت تتغلب على أولئك القادة العقلية الثورية والحماسية، ومن ثم كانوا بعيدين عن فنون وقواعد التفكير السياسي الرشيد وغير مدركين لموازين القوى الدولية التي أقامت إسرائيل عام 1948 أصلا بمشاركة من أهم القوى الكبرى، وهي الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبريطانيا، والتي تدخل بعضها في حرب 1973 تدخلا صريحاً من خلال الجسر الجوي الأميركي.
لقد شنوا على السادات حملة قاسية وأثاروا حول خطوته غباراً كثيفاً حجب الرؤية الصافية ومنع العرب من انتهاز الفرصة لتحرير جميع الأراضي المحتلة وإرساء سلام شامل في ظرف دولي كان مواتياً وهو ظرف الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.
لقد أنهى خطاب السادات الجمود السياسي الذي فرضه الإسرائيليون بدعم أميركي بعد حرب 1973 وزلزل المفاهيم التوسعية التي كانت مزروعة في عقل مناحيم بيجن مؤسس حزب «ليكود» صاحب العقلية المتطرفة والذي أطلق في عام 1967 مقولة: «إن سيناء جزء عضوي من أرض إسرائيل سأتخذ فيها مرقدي الأبدي وأبني فيها قبري».
كان الرئيس السادات هو ذلك المقاتل العربي المحنك الذي أدار معركة أكتوبر العسكرية عام 1973 بنجاح، بالتعاون مع أقرانه من الزعماء العرب العظام مثل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والمغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، لكنه قرر أن يتحمل بمفرده عبء مغامرة سياسية محفوفة بالمخاطر عندما قرر خوض النضال السياسي الجسور بزيارة إسرائيل، ليتوصل إلى الاتفاق السياسي الذي يحرر الأرض. لقد آن الأوان لرد الاعتبار لهذا الزعيم.