إن الزيارة التي يقوم بها فخامة رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي لدولة الإمارات العربية المتحدة هي حلقة في سلسلة متصلة الحلقات من مظاهر الأخوة ووحدة المصير التي تربط بين الشعبين المصري والإماراتي، وهي تمثل إحدى التجليات العديدة للشراكة بين قيادتي البلدين الشقيقين لترجمة هذه الوحدة إلى سياسات وبرامج عمل طموحة على أرض الواقع.
إن هذه البرامج والسياسات المشتركة تستهدف أموراً حيوية عديدة؛ منها مواجهة المخاطر الخارجية على كيان الأمة العربية وفي مقدمتها أطماع بعض القوى الإقليمية حيال شبه الجزيرة العربية، إذ ما يزال يتردد في الأسماع صدى الإعلان المشترك الذي صدر عن فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، صيف العام الجاري أثناء زيارة سموه للقاهرة، حيث أكد الطرفان أن أي استهداف للملكة العربية السعودية يمثل استهدافاً للأمن القومي العربي وأمن المنطقة والعالم ككل.
وكما تستهدف الشراكة المصرية الإماراتية تطويق التدخلات الإقليمية في مواقع عديدة من الخريطة العربية، فهي كذلك تستهدف تجفيف منابع الفكر المتطرف والإرهاب وتحقيق سلام عادل وشامل يضمن للشعب الفلسطيني حق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
ومن الثوابت المصرية التي طالما حرص الرئيس السيسي على تأكيدها، تلك المكانة الغالية والرفيعة التي تحظى بها دولة الإمارات الشقيقة في قلوب الشعب المصري، كما حرص ويحرص دائماً على إبراز العلاقات بين البلدين كنموذج للتعاون الاستراتيجي بين الأشقاء العرب من ناحية وتأكيد اهتمامه بتطوير وتنمية جميع أطر التعاون بين مصر والإمارات.
وفي المقابل حرصت دولة الإمارات دائماً على الوشائج المتينة التي تربط بين البلدين، وما تفتأ عبارات الاعتزاز بالعلاقات التاريخية بين البلدين تتردد دوما على لسان الشيخ محمد بن زايد، ترجمة لحرص الإمارات على تعزيز آليات التعاون الثنائي بشكل مستمر في كافة الميادين لتحقيق المصالح المشتركة للبلدين.
وليس هذا بغريب على تاريخ العلاقات بين البلدين، حيث كانت الشراكة التاريخية بينهما منذ ستينيات القرن العشرين وسبعينياته نموذجاً للنجاح وللنصر المبين، حيث كانت تستهدف التصدي المشترك للمخاطر الخارجية التي تتهدد الأمة العربية وسلامة أراضيها، وكان المثال البارز على النجاح في هذا المضمار ذلك التعاون الوثيق بين الراحلين العظيمين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والرئيس محمد أنور السادات في معركة أكتوبر الظافرة عام 1973. لقد هدفت الجهود العربية المشتركة والتي قادها الرئيس السادات والشيخ زايد إلى تحطيم غطرسة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء وسائر الأراضي العربية وكسر شوكة العناد في عقول القيادات الإسرائيلية التي رفضت مبادرة السلام المصرية التي قدّمها السادات عام 1971. لقد نجح العرب آنذاك بفضل هذا التآزر والتعاون في فتح آفاق عملية السلام وتحرير سيناء بعد الهجوم الظافر الذي أجبر الإسرائيليين على قبول مبادرة السادات التي رفضوها قبل المعركة. إن يوم النصر العربي على التحديات الراهنة ليس بعيداً بفضل علاقات التلاحم المصري الإماراتي التي أثبتت نجاعتها دائماً.
*أستاذ الدراسات العبرية -جامعة عين شمس