قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، يوم الجمعة الأول من نوفمبر، إن بلاده ليست فندقاً لعناصر تنظيم «داعش» من مواطني الدول الأخرى، وهدد بإعادة سجناء التنظيم من الدول الأوروبية إلى بلدانهم الأصلية، منتقداً سحب دول أوروبية الجنسية من مواطنيها الذين انضموا للتنظيم، معتبراً هذا الإجراء غير مقبول، وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد هدد أوروبا، في 13 سبتمبر الماضي، بفتح الحدود أمام اللاجئين السوريين، للتوجه نحو أوروبا ما لم تقدم الأخيرة مزيداً من الدعم بشأن «المنطقة الآمنة»، التي تريدها أنقرة في شمال شرق سوريا، متهماً الاتحاد الأوروبي بالتراجع عن وعده بشأن المساعدات المالية، لوجود تهديد جدي بشأن الهجرة من منطقة إدلب السورية على طول الحدود التركية.
وفور إعلان تركيا نيتها إطلاق عملية عسكرية في شمال سوريا، حذرت «قوات سوريا الديمقراطية» من إمكانية هروب حوالي 11 ألف داعشي، موزعين على 30 مركز اعتقال في شمال سوريا، علاوة على عشرات الآلاف من أفراد أسرهم في مخيمات داخل المنطقة ترفض بلدانُهم إعادتَهم إليها، ويتوزع أفراد «داعش» وعوائلهم على «مخيم الهول»، والذي يضم نحو 68 ألف شخص، معظمهم من عائلات وأبناء مسلحي التنظيم، و«مخيم عين عيسى» ويضم نحو 13 ألف داعشي، إضافة إلى «مخيم روج» الذي يضم نحو 1800 من عناصر «داعش».
وبدأت القوات التركية، في التاسع من أكتوبر 2019، عملية عسكرية واسعة، سمّتها «درع السلام»، تستهدف المناطق الكردية شمالي سوريا، مثيرةً موجة إدانة دولية واسعة استنكاراً لتوغلها داخل الأراضي السورية، وذلك بعد سحب أميركا قوّاتها من نقاط حدودية في سوريا، وتخليها عن المقاتلين الأكراد، وقد أدان الاتحاد الأوروبي الهجوم التركي، وأعلن في 22 أكتوبر أن العملية العسكرية التركية، تدعم تنظيم «داعش» وتهدد الأمن الأوروبي، داعياً أنقرة لوقف الهجوم، وسحب قواتها، واحترام القانون الدولي.
وتثير سياسات أردوغان، الكثير من التساؤلات المشروعة، حول علاقات الحكومة التركية بتنظيم «داعش» الإرهابي، ولطالما تطايرت الاتهامات عبر السنوات الماضية حول الدور المشبوه لتركيا، باعتبارها نقطة عبور للإرهابيين من أوروبا إلى سوريا وبالعكس، فمنذ ظهور تنظيم «داعش» بقيادة البغدادي نهاية عام 2014، أشارت تقارير استخباراتية، نشرها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، إلى أن المخابرات التركية توجه الدعم المالي واللوجيستي لـ«داعش» و«جبهة النصرة»، وأشارت التقارير إلى وجود معسكر لـ«داعش» في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا لتدريب المسلحين ونقلهم إلى سوريا والعراق للقتال، فضلاً عن امتلاك «داعش» مكتباً غير رسمي في مدينة إسطنبول، ينظم من خلاله عمليات دعم وإمداد لها في سوريا والعراق بالعناصر الأجنبية.
وأعادت العملية العسكرية التركية، ضد المقاتلين الأكراد، في شمال شرق سوريا، طرح مصير المقاتلين الأجانب المنضمين لصفوف «داعش» وغيره من الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وتجددت التهديدات التركية للدول الأوروبية، حول مصير مواطنيها المعتقلين من عناصر التنظيم، وحذّر المختصون من فتح أبواب السجون، ومن هروب قيادات «داعش» من السجون، بعد أن أعلنت الإدارة الذاتية الكردية في سوريا فرار نحو 800 شخص من أفراد وعائلات تنظيم «داعش» من «مخيم عين عيسى» للنازحين شمال شرق سوريا.
إن تهديد أردوغان، بفتح الأبواب أمام اللاجئين السوريين للهجرة إلى أوروبا، وإلحاقه بتهديد وزير الداخلية بشأن المقاتلين الدواعش الأوروبيين وأسرهم، أديا إلى تزايد قلق الدول الأوروبية من تدفق موجات اللاجئين، ومن عودة المقاتلين الأجانب، مما قد يفضي لنشر التطرف، وزيادة العمليات الإرهابية، وهما ورقة الضغط التركية على الحكومات الأوروبية، في لعبة المساومة التركية لأوروبا.
*كاتبة إماراتية