يمكن عذر كل من خلص إلى أن الهلع واسع النطاق، بشأن الأمن الوطني الأميركي، عقب سحب الرئيس ترامب المفاجئ للقوات الأميركية من شمال شرق سوريا، كان مبالغاً فيه، فبينما كان ذلك الانسحاب يتم، بتنا نعرف الآن أن القوات الخاصة الأميركية كانت تقترب من مكان البغدادي، زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي، في منطقة بالقرب من الحدود التركية، ترامب نفسه قال إن المعلومات الاستخباراتية التي أدت إلى تحديد موقع البغدادي توفرت خلال تلك الأسابيع الحاسمة التي تقاتل فيها الأكراد والأتراك لفترة قصيرة، وفرّ خلالها عشرات السجناء التابعين لـ«داعش».
واللافت أكثر، هو أنه بينما خلصت «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يقودها الأكراد، إلى أنها تعرضت للخيانة من قبل ترامب، فإنها واصلت تعقّب البغدادي، والعمل مع الأميركيين في العملية التي أفضت إلى مقتله.
وكان الجواسيس الأكراد قد بدؤوا يركزون على موقع البغدادي، الربيع الماضي، عقب سقوط معقل «داعش» في سوريا، وفي هذا الإطار، قالت رئيسة مجلس «قوات سوريا الديمقراطية»، إلهام أحمد، في حوار معها يوم الأحد الماضي: «شرعنا في البحث والتقصي بشأن مكان وجود البغدادي في شهر مارس»، مضيفة: «لقد كانت وحداتنا الاستخباراتية تتعقب تحركاته، وكانت تنسق على نحو عالي المستوى مع الاستخبارات الأميركية». وقالت إلهام، إن فوضى الغزو التركي لم تمنع الجواسيس الأكراد من مواصلة جمع وتحليل المعلومات حول مكان البغدادي.
إلهام أحمد، توجد الآن في واشنطن، من أجل توضيح وجهة النظر الكردية، ومحاولة إقناع الجانب الأميركي بإصلاح شراكة تضعضعت على نحو دراماتيكي، بعد أن غزا الجيش التركي تلك المنطقة مؤخراً، ورغم تصريح ترامب بأنه لا يرى سبباً يستدعي وقوف القوات الأميركية بين المقاتلين الأكراد والجيش التركي، فإن إلهام أحمد تأمل أن يستخدم ترامب نفوذ أميركا السياسي والاقتصادي الكبير لردع تركيا، وثنيها عن محاولة إعادة توطين ثلاثة ملايين لاجئ سوري (عرب) في مناطق كردية تاريخياً، وتقول إن الأكراد تلقّوا ضمانات من روسيا لحماية نحو مليوني مدني كردي في المنطقة من الجيش التركي والميليشيات الإسلامية المتحالفة معه، لكنها ترى أن هذا التطمين الروسي لا يبعث على الاطمئنان حقاً، وشددت على أن الأكراد يفضلون الحماية الأميركية، لكن «هذا هو خيارنا الوحيد».
جزء من الاتفاق الجديد، يعني بالنسبة لأكراد سوريا أنهم مضطرون للاعتماد على قوات النظام السوري في توفير الحماية، والحال أن هذا خطير بشكل خاص في ضوء التاريخ السوري الحديث، ذلك أن والد الرئيس السوري بشار الأسد، حافظ الأسد، شنّ حملات من أجل تطهير سوريا من الأكراد.
ولئن كانت ثمة هدنة في الحرب التركية الكردية، خلال الأسبوع الماضي، فإن إلهام أحمد تشعر بقلق بالغ بشأن آفاق الشعب الكردي على المدى الطويل، وما زالت تريد من الولايات المتحدة لعب دور في عملية السلام السورية، والدفاع عن حكم ذاتي للأكراد داخل سوريا، وقالت في هذا الصدد: «لقد وعدتنا أميركا بالدعم في المفاوضات مع الحكومة السورية.. وعليهم أن يفوا بذاك الوعد».
لقد واصل الأكراد السوريون مساعدة أميركا في حربها ضد «داعش»، حتى بعد أن اضطروا لطلب الحماية من روسيا، وأقل ما يمكن للولايات المتحدة فعله من أجلهم حالياً، هو أن تستخدم ما تبقى لها من نفوذ لردع تركيا، والدفاع عن فكرة منطقة كردية ذات حكم ذاتي في سوريا.
*محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
واللافت أكثر، هو أنه بينما خلصت «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يقودها الأكراد، إلى أنها تعرضت للخيانة من قبل ترامب، فإنها واصلت تعقّب البغدادي، والعمل مع الأميركيين في العملية التي أفضت إلى مقتله.
وكان الجواسيس الأكراد قد بدؤوا يركزون على موقع البغدادي، الربيع الماضي، عقب سقوط معقل «داعش» في سوريا، وفي هذا الإطار، قالت رئيسة مجلس «قوات سوريا الديمقراطية»، إلهام أحمد، في حوار معها يوم الأحد الماضي: «شرعنا في البحث والتقصي بشأن مكان وجود البغدادي في شهر مارس»، مضيفة: «لقد كانت وحداتنا الاستخباراتية تتعقب تحركاته، وكانت تنسق على نحو عالي المستوى مع الاستخبارات الأميركية». وقالت إلهام، إن فوضى الغزو التركي لم تمنع الجواسيس الأكراد من مواصلة جمع وتحليل المعلومات حول مكان البغدادي.
إلهام أحمد، توجد الآن في واشنطن، من أجل توضيح وجهة النظر الكردية، ومحاولة إقناع الجانب الأميركي بإصلاح شراكة تضعضعت على نحو دراماتيكي، بعد أن غزا الجيش التركي تلك المنطقة مؤخراً، ورغم تصريح ترامب بأنه لا يرى سبباً يستدعي وقوف القوات الأميركية بين المقاتلين الأكراد والجيش التركي، فإن إلهام أحمد تأمل أن يستخدم ترامب نفوذ أميركا السياسي والاقتصادي الكبير لردع تركيا، وثنيها عن محاولة إعادة توطين ثلاثة ملايين لاجئ سوري (عرب) في مناطق كردية تاريخياً، وتقول إن الأكراد تلقّوا ضمانات من روسيا لحماية نحو مليوني مدني كردي في المنطقة من الجيش التركي والميليشيات الإسلامية المتحالفة معه، لكنها ترى أن هذا التطمين الروسي لا يبعث على الاطمئنان حقاً، وشددت على أن الأكراد يفضلون الحماية الأميركية، لكن «هذا هو خيارنا الوحيد».
جزء من الاتفاق الجديد، يعني بالنسبة لأكراد سوريا أنهم مضطرون للاعتماد على قوات النظام السوري في توفير الحماية، والحال أن هذا خطير بشكل خاص في ضوء التاريخ السوري الحديث، ذلك أن والد الرئيس السوري بشار الأسد، حافظ الأسد، شنّ حملات من أجل تطهير سوريا من الأكراد.
ولئن كانت ثمة هدنة في الحرب التركية الكردية، خلال الأسبوع الماضي، فإن إلهام أحمد تشعر بقلق بالغ بشأن آفاق الشعب الكردي على المدى الطويل، وما زالت تريد من الولايات المتحدة لعب دور في عملية السلام السورية، والدفاع عن حكم ذاتي للأكراد داخل سوريا، وقالت في هذا الصدد: «لقد وعدتنا أميركا بالدعم في المفاوضات مع الحكومة السورية.. وعليهم أن يفوا بذاك الوعد».
لقد واصل الأكراد السوريون مساعدة أميركا في حربها ضد «داعش»، حتى بعد أن اضطروا لطلب الحماية من روسيا، وأقل ما يمكن للولايات المتحدة فعله من أجلهم حالياً، هو أن تستخدم ما تبقى لها من نفوذ لردع تركيا، والدفاع عن فكرة منطقة كردية ذات حكم ذاتي في سوريا.
*محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»