أجمع الكثير من المحللين السياسيين، عرباً وأجانب، على أن حراك الشارع اللبناني الذي اندلع في السابع عشر من الشهر الحالي، أربك الجميع في الداخل، الحكومة وكافة الأحزاب السياسية. كما أربك أطرافاً إقليمية خارج لبنان، على علاقة سياسية ومالية وثيقة ببعض هذه الأحزاب. إن تزامن اندلاع الاحتجاجات في بيروت مع الأحداث الجارية في بغداد، جعل بعض التحليلات تشير إلى أن هنالك أكثر من مشترك بين الحدثين، طالما أن التشابه يكاد يكون واحداً في معاناة المواطن غير المسبوقة في تاريخ البلدين، الممثلة ظاهرياً في انعدام الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء، وتردي التعليم والصحة، وتدني الدخل وارتفاع مستوى المعيشة، وفرض الضرائب، وآفة الفساد المنظم، وهي الطامة الكبرى في البلدين، التي غدت ليس فقط مهدداً رئيسياً للحياة بحدها الأدنى، بل كابوساً يجثم على الصدور. ولا تستبعد تلك التحليلات التأثير الإقليمي بأكثر من شكل في معاناة الشعبين في لبنان والعراق: ففي العراق تجاوز حضور الدور الإقليمي الحضور في التعاون الاقتصادي البيني في بعض المجالات إلى ما يشبه الاستحواذ على موارد البلاد، حتى تحولت بعض المحافظات الجنوبية في العراق، كما ينقل لنا سكانها، مقاطعة تعيش في عزلة عن العاصمة، كالبصرة وكربلاء والنجف وغيرها.
والحال نفسها في لبنان، فالتأثير الإقليمي حاضر على الأرض وتلمحه في بعض مواقف الحكومة اللبنانية تجاه القضايا الخارجية، تحت قبة الجامعة العربية، وذلك بسبب «حزب الله» عبر وزرائه وأعضائه في البرلمان. ففي لبنان أدت العقوبات الأميركية إلى إغلاق بنك تابع لـ«حزب الله» في شهر سبتمبر الماضي، هو بنك (جمّال ترست) وأربع شركات مالية تعمل كأذرع له في السوق المحلية والخارجية. كما أن تعاملات الحزب المالية المصرفية في لبنان وخارجه لم تعد ممكنة. وبهذا لم يبق له سوى الغطاء السياسي الرسمي الممثل بالحكومة الحالية التي هو جزء منها. انطلاقاً مما يواجهه «حزب الله» من ظروف صعبة على الأرض في لبنان، يمكن فهم موقفه من الاحتجاجات الشعبية في الشارع اللبناني، فهو وكما جاء في خطابه المتناقض، أنه مع الاحتجاجات ومطالبها المحقة، لكنه ليس مع رحيل الحكومة وإسقاط العهد كما يريد الحراك الشعبي. وهو لا يريد النزول إلى الشارع، لكنه لا يستبعده كما يقول (إذا نزلنا فسنغير المعادلات).
وفي محاولة لترهيب المتظاهرين يأتي على ذكر (الفوضى والحرب الأهلية) التي يريد بهما القول إن حاصلة لا محالة إن هم لم يتوقفوا ويعودوا إلى بيوتهم، أو أن لم يعلنوا عمَّن (يحركهم ويمولهم). وعبارة كهذه لحسن نصرالله تجاه حراك الشارع، إنما هي عملية واضحة لـ(شيطنة) التظاهرات الشعبية واتهامها بالعمالة عبر(التمويل الخارجي والتعامل مع السفارات) حسبما يقول. وتهمٌ كهذه التي كالها الأمين العام لحزب الله، مردود عليها، فحزبه هو أول من تنطبق عليه الاتهامات التي أوردها في خطابه. ولعل مواقف كهذه لحزب الله هي السبب وراء تخلخل بيئته الشعبية في مربعه الطائفي، وهي التي ستدفع الكثير مما يسمى اليسار العربي لإعادة النظر في انحيازهم السياسي، فجلّهم تصوّر أن الأمين العام لـ«حزب الله» سينزل إلى الشارع متضامنا مع جماهير الحراك ليفاجؤوا بدفاعه عن الوضع القائم. أهم مصادر قوة الحراك اللبناني، هو عدم كشفها عن قياداتها، والإيحاء بأنها وحدة جماهيرية شعبية متماسكة من دون أن يكون لها قيادة، كونها تعلم جيداً أن الإعلان المبكر عن قيادات الحراك قد يؤدي إلى مضايقتهم، إلى حد إمكان تلفيق التهم بحقهم، وبالتالي القبض عليهم، لتبدأ عملية ابتزاز المتظاهرين وإنهاء حراكهم الذي هو في الأساس امتداد لتظاهرات أغسطس عام 2015م بالشعار المعروف (طلعت ريحتكم) على خلفية تراكم النفايات في المدينة. مقطع القول: إن الشعب اللبناني الذي اختار الطائفية على المواطنة عبر تاريخه السياسي، يتوجّب عليه اليوم احترام جيشه الوطني النزيه، للتغلب على صعوبات عدّة إذا ما أراد لمطالبه الشرعية، أن تنفّذ، ولثورته الجماهيرية، أن تنجح.
والحال نفسها في لبنان، فالتأثير الإقليمي حاضر على الأرض وتلمحه في بعض مواقف الحكومة اللبنانية تجاه القضايا الخارجية، تحت قبة الجامعة العربية، وذلك بسبب «حزب الله» عبر وزرائه وأعضائه في البرلمان. ففي لبنان أدت العقوبات الأميركية إلى إغلاق بنك تابع لـ«حزب الله» في شهر سبتمبر الماضي، هو بنك (جمّال ترست) وأربع شركات مالية تعمل كأذرع له في السوق المحلية والخارجية. كما أن تعاملات الحزب المالية المصرفية في لبنان وخارجه لم تعد ممكنة. وبهذا لم يبق له سوى الغطاء السياسي الرسمي الممثل بالحكومة الحالية التي هو جزء منها. انطلاقاً مما يواجهه «حزب الله» من ظروف صعبة على الأرض في لبنان، يمكن فهم موقفه من الاحتجاجات الشعبية في الشارع اللبناني، فهو وكما جاء في خطابه المتناقض، أنه مع الاحتجاجات ومطالبها المحقة، لكنه ليس مع رحيل الحكومة وإسقاط العهد كما يريد الحراك الشعبي. وهو لا يريد النزول إلى الشارع، لكنه لا يستبعده كما يقول (إذا نزلنا فسنغير المعادلات).
وفي محاولة لترهيب المتظاهرين يأتي على ذكر (الفوضى والحرب الأهلية) التي يريد بهما القول إن حاصلة لا محالة إن هم لم يتوقفوا ويعودوا إلى بيوتهم، أو أن لم يعلنوا عمَّن (يحركهم ويمولهم). وعبارة كهذه لحسن نصرالله تجاه حراك الشارع، إنما هي عملية واضحة لـ(شيطنة) التظاهرات الشعبية واتهامها بالعمالة عبر(التمويل الخارجي والتعامل مع السفارات) حسبما يقول. وتهمٌ كهذه التي كالها الأمين العام لحزب الله، مردود عليها، فحزبه هو أول من تنطبق عليه الاتهامات التي أوردها في خطابه. ولعل مواقف كهذه لحزب الله هي السبب وراء تخلخل بيئته الشعبية في مربعه الطائفي، وهي التي ستدفع الكثير مما يسمى اليسار العربي لإعادة النظر في انحيازهم السياسي، فجلّهم تصوّر أن الأمين العام لـ«حزب الله» سينزل إلى الشارع متضامنا مع جماهير الحراك ليفاجؤوا بدفاعه عن الوضع القائم. أهم مصادر قوة الحراك اللبناني، هو عدم كشفها عن قياداتها، والإيحاء بأنها وحدة جماهيرية شعبية متماسكة من دون أن يكون لها قيادة، كونها تعلم جيداً أن الإعلان المبكر عن قيادات الحراك قد يؤدي إلى مضايقتهم، إلى حد إمكان تلفيق التهم بحقهم، وبالتالي القبض عليهم، لتبدأ عملية ابتزاز المتظاهرين وإنهاء حراكهم الذي هو في الأساس امتداد لتظاهرات أغسطس عام 2015م بالشعار المعروف (طلعت ريحتكم) على خلفية تراكم النفايات في المدينة. مقطع القول: إن الشعب اللبناني الذي اختار الطائفية على المواطنة عبر تاريخه السياسي، يتوجّب عليه اليوم احترام جيشه الوطني النزيه، للتغلب على صعوبات عدّة إذا ما أراد لمطالبه الشرعية، أن تنفّذ، ولثورته الجماهيرية، أن تنجح.